هل يَجِبُ الغُسل عند التقاء الختانَيْنِ؟
هَلْ بمجرَّد التِقاء الخِتانَيْنِ يجبُ الغُسل ولو بالاحتكاك أم لابدَّ من دُخولِ حشفة -رأس- الذَّكَر؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإذا غابَتْ حشفةُ الرجُل كلُّها في فرْجِ المرأة وجب عليهِما الغسل أنزلا أم لم يُنْزِلا، وهو قدر زائد عن مُجرد الملاقاة والمسِّ –الاحتكاك- فوضع الذَكَر على الخِتانِ بغير إيلاِج لا يوجب الغسل إجماعًا.
أما الأحاديث الصحيحة التي توجب الغسل بمجرد مسِّ الختان كحديث أبي هريرة في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جَلَسَ بين شُعَبِها الأربَعِ ثُمَّ جهِدها فَقَدْ وَجَبَ عليه الغُسل".
وحديث عائشة رضي الله عنها قالتْ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قَعَدَ بين شُعَبِها الأربع، ثُمَّ مسَّ الخِتانُ الختانَ فقدْ وَجَبَ الغُسل" (رواه أحمد ومسلم والترمذيُّ).
فالمقصود بِمَسِّ الختان هو الإيلاج، وقد ورد ذلك القيد في أحاديث كثيرة: كقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة السابق في رواية الترمذي: "إذا جاوز الخِتانُ الختانَ وجب الغسل"، وفي حديث آخر لها رواه أحمد والترمذي قالت: "إذا جاوز الختانُ الختانَ، فقد وجب الغسل؛ فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا".
وروى أحْمد وغيْرُه من حديث عمرُو بنُ شُعَيْبٍ عن أبيه عن جدِّه قال: قال رسول الله صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: "إذا التَقَتِ الخِتانانِ وتوارَتِ الحشفةُ فقد وَجَبَ الغُسْل".
قال الإمامُ الشَّوكاني: والحديثُ يدلُّ على أنَّ إيجابَ الغُسل لا يتوقَّفُ على الإنزال، بل يَجب بمجرَّد الإيلاج.
قال النَّوويُّ في "شرح مسلم": إيجاب الغسل لا يتوقف على نزول المني بل متَى غابتِ الحشفة في الفَرْجِ وَجَب الغُسل على الرجل والمرأة، وهذا لا خِلافَ فيه اليوم، وقد كان فيه خلافٌ لِبعض الصحابة ومَن بعدَهُم، ثُمَّ انعقد الإجْماع على ما ذكرناه.
وقال: قال أصحابنا: والاعتبار في الجِماع بتغْيِيب الحشفة من صحيح الذَّكر بالاتِّفاق، فإذا غيَّبها بكمالها تعلَّقت به جَميع الأحكام، ولا يُشترطُ تغْيِيبُ جَميع الذَّكَرِ بالاتِّفاق، ولو غيَّب بعضَ الحشفة لا يتعلَّق به شَيْءٌ من الأحكام بالاتِّفاق إلا وجهًا شاذًّا ذكَرَهُ بعضُ أصحابِنا أنَّ حُكمَه حكمُ جَميعها، وهذا الوجه غلطٌ منكر متروك.
وقال: قال العلماء: معناه -أي: مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ- غيَّبت ذكرَكَ في فَرْجِها، وليس المراد حقيقة المسِّ، وذلك أنَّ خِتانَ المرأةِ في أعلى الفرْجِ ولا يَمَسُّه الذَّكَرُ في الجِماع، وقد أجْمع العلماء على أنَّه لو وضع ذكَرَهُ على خِتانِها ولم يُولجْه لم يجب الغُسل، لا عليه ولا عليها، فدلَّ على أنَّ المُراد ما ذكرناه، والمراد بالمماسَّة المُحاذاة، وكذلك الرواية الأُخرى إذا التَقى الختانان أيْ تحاذيا". اهـ.
- التصنيف:
- المصدر: