عليه دين ويريد أن يحج
لدي قرض من البنك وأريد أن اذهب للعمرة وأعلم أنني يجب أن أسدد ديوني كلها قبل أن اذهب للحج أو العمرة. فهل يمكن أن تخبرني بالطريقة الصحيحة والحدود في ذلك إسلاميا؟
أولاً: إن كان هذا القرض ربوياً فهو محرم وكبيرة من كبائر الذنوب وموبقة من الموبقات السبعة وقد حرمته الأمم كلها حتى الإغريق عبدة الأوثان قال أحدهم واسمه صولون: المال كالدجاجة العقيمة فالدرهم لا يلد درهماً.
وجاء في عقيدة النصارى أن آكل الربا لا يكفن إذا مات حتى اليهود فإنهم يحرمون الربا.
وأما الإسلام فقد حرمه بما لا يدع مجالاً لأحد أن يشك في التحريم.
قال الله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} [البقرة: 275].
وقال: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين} [البقرة: 278].
وأبي جحيفة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب وكسب الأمة ولعن الواشمة والمستوشمة وآكل الربا وموكله ولعن المصور. (رواه البخاري 2123).
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله. (رواه مسلم 1597).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات" (رواه البخاري 2615 ومسلم 89).
وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد الرجل أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه (أي فمه) فرده حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان فقلت ما هذا فقال الذي رأيته في النهر آكل الربا". (رواه البخاري 1979).
فالواجب عليك التوبة إلى الله من هذا العمل أما إن كان هذا القرض قرضاً حسناً لا يدخله الربا فلا بأس به.
ثانياً: أما الحج: فالذي لا يستطيع أن ينفق على نفسه لضيق ذات اليد لا يجب عليه الحج، ولكن أي الأمرين أولى الحج أم سداد الديون؟
الراجح: أن الدَّين أولى لأن المدين لا يلزمه الحج إذ من شروط الحج الاستطاعة.
فإن تعارض حجك مع قضاء الدين فقدِّم قضاء الدين، ولكن إن لم يتعارض كتأخر وقت السداد، أو صبر صاحب الدين على دينه فالصحيح أنه لا بأس بالحج أو العمرة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
يجوز أن يحج المدين المُعسر إذا حجّجه غيره و لم يكن في ذلك إضاعة لحق الدين إما لكونه عاجزاً عن الكسب وإما لكون الغريم غائباً لا يمكن توفيته من الكسب. "مجموع الفتاوى" (26 /16).
وذلك كله بشرط الاستطاعة التامة مع سداد ديون من يطالبك وقد حل الأجل للقضاء إن كنت مديناً لأكثر من دائن مع تيسر الراحلة والزاد وما يلزمك لإصلاح شأنك في السفر غير مضيع لعيالك أو من تجب عليك نفقتهم.
بحيث تترك لهم ما يسد حاجتهم وإن لم تفعل فقد أثمت وضيعت من ألزمك الله رعايته.
عن خيثمة قال: كنا جلوسا مع عبد الله بن عمرو إذا جاءه قهرمان له فدخل فقال أعطيت الرقيق قوتهم قال لا قال فانطلق فأعطهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته" (صحيح مسلم 996).
وقد جاء عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت" (رواه أبو داود 1692).
والله أعلم.
- التصنيف: