عدم مشروعية رفع الأيدي في خطبة الجمعة

منذ 2013-01-03
السؤال:

هل يشرع للمأمومين رفع الأيدي في الخطبة؟ وهل يجوز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع الإمام في الخطبة جماعة؟

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد روى مسلم بسنده عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من اغْتَسَلَ، ثُمَّ أتى الْجُمُعَةَ، فَصَلَّى ما قُدِّرَ له، ثُمَّ أَنْصَتَ حتى يَفْرُغَ من خُطْبَتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي معه، غُفِرَ له ما بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى، وَفَضْلُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ" (صحيح مسلم، برقم857).

وروى مسلم أيضاً بسنده عن حُصَيْنٍ عن عُمَارَةَ بن رُؤَيْبَةَ : "أنه رَأَى بِشْرَ بنَ مَرْوَانَ على الْمِنْبَرِ رَافِعًا يَدَيْه،ِ فقال: قَبَّحَ الله هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ لقد رأيت رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ما يَزِيدُ على أَنْ يَقُولَ بيده هَكَذَا، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الْمُسَبِّحَةِ" (صحيح مسلم، برقم 874). قال النووي: "هذا فيه أن السنة أن لا يرفع اليد في الخطبة". [شرح النووي على صحيح مسلم6/162].

وروى البخاري بسنده عن أَنَسِ بن مَالِكٍ رضي الله عنه قال: "أَصَابَتْ الناسَ سَنَةٌ [يعني: شدّة] على عَهْدِ النبي صلى الله عليه وسلم فَبَيْنَا النبي صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ في يَوْمِ جُمُعَةٍ، قام أَعْرَابِيٌّ فقال: يا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَ الْمَالُ، وَجَاعَ الْعِيَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لنا، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وما نَرَى في السَّمَاءِ قَزَعَةً [يعني: قطعة غيم] فَوَالَّذِي نَفْسِي بيده، ما وَضَعَهَا حتى ثَارَ السَّحَابُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ، ثُمَّ لم يَنْزِلْ عن مِنْبَرِهِ حتى رأيت الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ على لِحْيَتِهِ صلى الله عليه وسلم فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذلك وَمِنْ الْغَدِ، وَبَعْدَ الْغَدِ، وَالَّذِي يَلِيهِ حتى الْجُمُعَةِ الأُخْرَى، وَقَامَ ذلك الأَعْرَابِيُّ -أو قال: غَيْرُهُ- فقال: يا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ وَغَرِقَ الْمَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لنا، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فقال:"اللهم حَوَالَيْنَا ولا عَلَيْنَا"، فما يُشِيرُ بيده إلى نَاحِيَةٍ من السَّحَابِ إلا انْفَرَجَتْ وَصَارَتْ الْمَدِينَةُ مِثْلَ الْجَوْبَةِ [يعني: الفرجة المستديرة]" (صحيح البخاري، برقم 891).

فيستفاد من هذا: أن الخطيب إذا دعا بالاستسقاء، أو دعا بالصحو، يرفع يديه، وأن الناس يرفعون أيديهم معه، وفيما عدا ذلك إذا دعا الخطيب في خطبة الجمعة لا يرفع يديه، ولا يرفع الناس؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم أنكروا على بشر بن مروان حين خطب ودعا في الخطبة ورفع يديه.

وبناء على ما سبق فيكون رفع اليدين غير مشروع في خطبة الجمعة، لا للإمام ولا للمأمومين، وإنما المشروع الإنصات للخطيب، والتأمين من المأموم عند دعائه بينه وبين نفسه دون رفع صوت، وأما رفع اليدين فلا يشرع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يرفع يديه في خطبة الجمعة، ولما رأى بعض الصحابة بعض الأمراء يرفع يديه في خطبة الجمعة أنكر عليه ذلك، فإذا استسقى في خطبة الجمعة فإنه يشرع له أن يرفع يديه تأسياً بالنبي عليه الصلاة والسلام؛ ولأن فعله حجة وتركه حجة.

والواجب على من حضر خطبة الجمعة الإنصات والاستماع لما يقول الخطيب، وعدم الاشتغال بما يصرفه عنها، ولكن إذا ذُكِرَت الجنة سألها، أو النار استعاذ منها في نفسه، أو ذُكِرَ النبي صلى الله عليه وسلم - صلى عليه في نفسه على الانفراد، وليس ذلك من اللغو، لكن لا يجهر بذلك ولا يكون بطريقة جماعية؛ لأن ذلك من البدع، وأيضاً فإنه معارض للأمر بالسكوت عند استماع الخطبة. والله أعلم.

وانظر: "فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" 8/235، و"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" 12/338- 339.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 2
  • 1
  • 20,497

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً