إقامة المرأة للصلاة
هل المرأة تُقيم الصَّلاة أو لا؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فيُشْرع للمرأة أن تُقيم للصَّلاة، سواءٌ كانت تصلي وحْدَها أو مع جماعة من النساء، فإن خشِيت أن يسمعها أحد، فالأحسن أن يكون ذلك سرًّا؛ وهو فعْل أم المؤمنين عائشة رضِي الله عنها فقد صحَّ عنها أنها كانت تؤذِّن وتُقيم وتؤمُّ النِّساء؛ رواه الحاكم في "المستدرك"، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" وهو ضعيف لأنه من رواية ليث بن أبي سليم عن عطاء، وليث ضعيف، ومع ذلك فقد صحَّحه النَّووي في "المجموع".
وقد كرهه بعضُ أهل العلم؛ محتجِّين بأثر ابْنِ عُمر: "ليس على النِّساء أذانٌ ولا إقامة"؛ رواه البيهقي، وصحَّحه الحافظ في "التلخيص".
وتعقَّبه الألباني في "تمام المنة" بأنَّه "من رواية عبدالله بن عمر عن نافع عنِ ابن عمر، وعبدالله بن عمر هو العمري المكبَّر، وهو ضعيفٌ كما في "الضَّعيفة" (2 / 270)".
قال: ثمَّ هو بِظاهرِه مُخالفٌ لِما رواه ابنُ أبي شيبة في "المصنف" (1 / 223) بسندٍ جيِّد عن وهب بن كيسان قال: سُئِل ابنُ عمر: هل على النساء أذان؟ فغضب وقال: "أنا أنْهى عن ذكر الله؟!" واحتجَّ به الإمام أحمد.
قال ابنُ قدامة في "المغني": "وهَلْ يُسَنُّ لهُنَّ ذَلِكَ؟ - يعني: أذانٌ ولا إقامَةٌ - فقَدْ رُوِيَ عَنْ أحْمَدَ قالَ: إنْ فَعَلْنَ فَلا بَأْسَ، وإنْ لم يَفْعَلْنَ فجائِزٌ.
وقالَ القاضِي: هَلْ يُسْتَحَبُّ لها الإقامَةُ؟ على رِوايَتَيْنِ.
وعنْ جابِرٍ: أنَّها تُقِيمُ، وبهِ قالَ عطَاءٌ، ومُجَاهِدٌ، والأوْزَاعِيُّ.
وقالَ الشَّافعِيُّ: إنْ أَذَّنَّ وَأَقَمْنَ فَلا بَأْسَ، وعَنْ عَائِشَة أنَّها كَانَتْ تُؤَذِّنُ وتُقِيمُ، وبِهِ قالَ إسْحَاقُ". اهـ.
وقال خليل في مختصره: وإن أقامت المرأة سرًّا فحسن". اهـ.
وقد سئِلَ فضيلة الشَّيخ العثيمين رحِمه الله عن حكم الإقامة للصَّلاة في حقِّ المرأة، فأجاب قائلاً: لا حرَج على المرأة أن تقيم الصَّلاة إذا كانت تصلِّي في بيتها، وإن لم تُقِم الصلاة، فلا حرجَ عليْها أيضًا؛ لأنَّ إقامة الصَّلاة إنَّما تجب على جماعة الرجال، حتَّى الرجُل المنفرد إذا صلَّى منفردًا، فإنَّ الإقامة لا تَجب عليه، وإن أقام فهو أفضل، وإن لم يُقِم فلا حرَج عليه.
وعليه؛ فلا بأس أن تُقيم المرأة للصَّلاة، سواء كانت مع نساءٍ أو وحْدها، والأحسن أن يكون ذلك سرًّا.
أمَّا إن صلَّت مع أحدِ مَحارمها من الرجال، فالإقامة ليستْ من شأنِها؛ بل هو الذي يقيم الصَّلاة،، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: