رسالة في التوسل والوسيلةالجزءالسادس والعشرون.

منذ 2006-12-01
السؤال: رسالة في التوسل والوسيلةالجزءالسادس والعشرون.
الإجابة: وأما سؤال الله بأسمائه وصفاته التى تقتضى ما يفعله بالعباد من الهدى والرزق والنصر، فهذا أعظم ما يسأل الله تعالى به‏.‏ فقول المنازع‏:‏ لا يسأل بحق الأنبياء، فإنه لا حق للمخلوق على الخالق‏:‏ ممنوع فإنه قد ثبت فى الصحيحين حديث معاذ الذى تقدم إيراده، وقال تعالى‏:‏ ‏{كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}[‏الأنعام‏:‏54‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}‏‏[‏الروم‏:‏ 47‏]‏‏.‏ فيقال للمنازع‏:‏ فى هذا فى مقامين‏:‏
أحدهما‏:‏ فى حق العباد على الله، والثانى‏:‏ فى سؤاله بذلك الحق‏.‏ أما الأول‏:‏ فلا ريب أن الله تعالى وعد المطيعين بأن يثيبهم، ووعد السائلين بأن يجيبهم، وهو الصادق الذى لا يخلف الميعاد، قال الله تعالى‏:‏ ‏{وَعْدَ اللّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً}‏‏[‏النساء‏:‏ 122‏]‏، ‏{وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}[‏الروم‏:‏ 6‏]‏، ‏{فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ}‏‏[‏إبراهيم‏:‏ 47‏]‏، فهذا مما يجب وقوعه بحكم الوعد باتفاق المسلمين‏.‏وتنازعوا‏:‏ هل عليه واجب بدون ذلك ‏؟‏ على ثلاثة أقوال، كما تقدم‏.‏
قيل‏:‏ لا يجب لأحد عليه حق بدون ذلك‏.‏
وقيل‏:‏ بل يجب عليه واجبات ويحرم عليه محرمات بالقياس على عباده‏.‏
وقيل‏:‏ هو أوجب على نفسه وحرم على نفسه، فيجب عليه ما أوجبه على نفسه، ويحرم عليه ما حرمه على نفسه، كما ثبت فى الصحيح من حديث أبى ذر، كما تقدم‏.‏
والظلم ممتنع منه باتفاق المسلمين، لكن تنازعوا فى الظلم الذى لا يقع، فقيل‏:‏ هو الممتنع وكل ممكن يمكن أن يفعله لا يكون ظلماً؛ لأن الظلم إما التصرف فى ملك الغير، وإما مخالفة الأمر الذى يجب عليه طاعته، وكلاهما ممتنع منه‏.‏
وقيل‏:‏ بل ما كان ظلماً من العباد فهو ظلم منه‏.‏
وقيل الظلم وضع الشىء فى غير موضعه، فهو سبحانه لا يظلم الناس شيئاً، قال تعالى‏:‏ ‏{وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا}‏‏[‏طه‏:‏ 112‏]‏‏.‏قال المفسرون‏:‏ هو أن يحمل عليه سيئات غيره ويعاقب بغير ذنبه، والهضم أن يهضم من حسناته، وقال تعالى‏:‏ ‏{إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}‏‏[‏النساء‏:‏ 40‏]‏، ‏{وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ}‏‏[‏هود‏:‏ 101‏]‏‏.‏
وأما المقام الثانى‏:‏ فإنه يقال‏:‏ ما بين الله ورسوله أنه حق للعباد على الله فهو حق، لكن الكلام فى السؤال بذلك، فيقال‏:‏ إن كان الحق الذى سأل به سبباً لإجابة السؤال حسن السؤال به، كالحق الذى يجب لعابديه وسائليه‏.‏
  • 0
  • 0
  • 6,473

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً