رسالة في التوسل والوسيلةالجزء الرابع الثلاثون.
منذ 2006-12-01
السؤال: رسالة في التوسل والوسيلةالجزء الرابع الثلاثون.
الإجابة: وهذا كما أنه لا يجوز أن يحرم شىء إلا بدليل شرعى، لكن إذا علم
تحريمه، وروى حديث في وعيد الفاعل له، ولم يعلم أنه كذب ـ جاز أن
يرويه، فيجوز أن يروى في الترغيب والترهيب مالم يعلم أنه كذب، لكن
فيما علم أن الله رغب فيه أو رهب منه بدليل آخر غير هذا الحديث
المجهول حاله.
وهذا كالإسرائيليات؛ يجوز أن يروى منها مالم يعلم أنه كذب للترغيب والترهيب، فيما علم أن اللّه تعالى أمر به في شرعنا ونهى عنه في شرعنا.فإما أن يثبت شرعاً لنا بمجرد الإسرائيليات التى لم تثبت فهذا لا يقوله عالم، ولا كان أحمد بن حنبل ولا أمثاله من الأئمة يعتمدون على مثل هذه الأحاديث في الشريعة.
ومن نقل عن أحمد أنه كان يحتج بالحديث الضعيف الذى ليس بصحيح ولا حسن فقط غلط عليه، ولكن كان في عرف أحمد بن حنبل ومن قبله من العلماء أن الحديث ينقسم إلى نوعين: صحيح، وضعيف.والضعيف عندهم ينقسم إلى ضعيف متروك لا يحتج به، وإلى ضعيف حسن، كما أن ضعف الإنسان بالمرض ينقسم إلى مرض مخوف يمنع التبرع من رأس المال، وإلى ضعيف خفيف لا يمنع من ذلك.
وأول من عرف أنه قسم الحديث ثلاثة أقسام ـ صحيح، وحسن، وضعيف ـ هو أبو عيسى الترمذى في جامعه.والحسن عنده ما تعددت طرقه ولم يكن في رواته متهم وليس بشاذ.فهذا الحديث وأمثاله يسميه أحمد ضعيفاً ويحتج به؛ ولهذا مثل أحمد الحديث الضعيف الذى يحتج به بحديث عمرو بن شعيب وحديث إبراهيم الهجرى ونحوهما.وهذا مبسوط في موضعه.
والأحاديث التى تروى في هذا الباب ـ وهو السؤال بنفس المخلوقين ـ هى من الأحاديث الضعيفة الواهية بل الموضوعة، ولا يوجد في أئمة الإسلام من احتج بها ولا اعتمد عليها، مثل الحديث الذى يروى عن عبد الملك بن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن جده، أن أبا بكر الصديق أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إنى أتعلم القرآن ويتفلت منى. فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: (قل: اللهم إنى أسألك بمحمد نبيك، وبإبراهيم خليلك، وبموسى نجيّك، وعيسى روحك وكلمتك، وبتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وزبور داود، وفرقان محمد، وبكل وحى أوحيته وقضاء قضيته) وذكر تمام الحديث.
وهذا الحديث ذكره رَزِين بن معاوية العبدرى في جامعه ونقله ابن الأثير في جامع الأصول ولم يعزه لا هذا ولا هذا إلى كتاب من كتب المسلمين، لكنه قد رواه من صنف في عمل ( اليوم والليلة ) كابن السُّنِّى وأبى نعيم، وفى مثل هذه الكتب أحاديث كثيرة موضوعة لا يجوز الاعتماد عليها في الشريعة باتفاق العلماء.
وقد رواه أبو الشيخ الأصبهانى في كتاب فضائل الأعمال، وفى هذا الكتاب أحاديث كثيرة كذب موضوعة، رواه أبو موسى المدينى من حديث زيد بن الحباب عن عبد الملك بن هارون بن عنترة وقال: هذا حديث حسن مع أنه ليس بالمتصل،
قال أبو موسى: ورواه محرز بن هشام عن عبد الملك عن أبيه عن جده عن الصديق ـ رضى اللّه عنه ـ وعبد الملك ليس بذاك القوى وكان بالرِّىِّ، وأبوه وجده ثقتان. قلت: عبد الملك بن هارون بن عنترة من المعروفين بالكذب.قال يحيى بن معين: هو كذاب.وقال السعدى: دجال كذاب، وقال أبو حاتم ابن حبان: يضع الحديث.وقال النسائى: متروك.وقال البخارى: منكر الحديث. وقال أحمد بن حنبل: ضعيف. وقال ابن عدى: له أحاديث لا يتابعه عليها أحد.وقال الدارقطنى: هو وأبوه ضعيفان.وقال الحاكم في [كتاب المدخل]: عبد الملك بن هارون بن عنترة الشيبانى روى عن أبيه أحاديث موضوعة.وأخرجه أبو الفرج ابن الجوزى في كتاب [الموضوعات] وقول الحافظ أبى موسى: [هو منقطع] يريد: أنه لو كان رجاله ثقات فإن إسناده منقطع.
وقد روى عبد الملك هذه الأحاديث الأخر المناسبة لهذا في استفتاح أهل الكتاب به ـ كما سيأتى ذكره ـ وخالف فيه عامة ما نقله المفسرون وأهل السير وما دل عليه القرآن، وهذا يدل على ما قاله العلماء فيه: من أنه متروك إما لتعمده الكذب وإما لسوء حفظه، وتبين أنه لا حجة لا في هذا ولا في ذاك.
ومثل ذلك الحديث الذى رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده، عن عمر بن الخطاب مرفوعاً وموقوفا عليه: (أنه لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب، أسألك بحق محمد لما غفرت لى، قال: وكيف عرفت محمداً ؟ قال: لأنك لما خلقتنى بيدك، ونفخت في من روحك، رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش مكتوباً: لا إلا إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك. قال: صدقت يا آدم ؟ ولولا محمد ما خلقتك) وهذا الحديث رواه الحاكم في مستدركه من حديث عبد الله بن مسلم الفهرى عن إسماعيل بن سلمة عنه. قال الحاكم: وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن في هذا الكتاب، وقال الحاكم: هو صحيح.
ورواه الشيخ أبو بكر الآجرى في كتابه الشريعة موقوفاً على عمر من حديث عبد الله ابن إسماعيل بن أبى مريم، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم موقوفا، ورواه الآجرى أيضاً من طريق آخر من حديث عبد الرحمن بن أبى الزناد، عن أبيه، موقوفاً عليه، وقال: حدثنا هارون بن يوسف التاجر، حدثنا أبو مروان العثمانى، حدثنى أبو عثمان بن خالد عن عبد الرحمن بن أبى الزناد، عن أبيه أنه قال: (من الكلمات التى تاب الله بها على آدم قال: اللهم إنى أسألك بحق محمد عليك. قال الله تعالى: وما يدريك ما محمد ؟ قال: يا رب: رفعت رأسى فرأيت مكتوباً على عرشك: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنه أكرم خلقك). قلت: ورواية الحاكم لهذا الحديث مما أنكر عليه، فإنه نفسه قد قال في [كتابه المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم]: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة، لا تخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه.
قلت: وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف باتفاقهم يغلط كثيراً، ضعفه أحمد بن حنبل وأبو زرعة أبو حاتم والنسائى والدارقطنى وغيرهم، وقال أبو حاتم بن حبان: كان يقلب الأخبار وهو لا يعلم، حتى كثر ذلك من روايته من رفع المراسيل وإسناد الموقوف فاستحق الترك.
وأما تصحيح الحاكم لمثل هذا الحديث وأمثاله فهذا مما أنكره عليه أئمة العلم بالحديث وقالوا: إن الحـاكم يصـحح أحـاديث وهى موضوعـة مكذوبة عند أهل المعرفة بالحديث، كما صحح حديث زريب بن برثملى: الذى فيه ذكر وصى المسيح، وهو كذب باتفاق أهل المعرفة، كما بين ذلك البيهقى وابن الجوزى وغيرهما، وكذلك أحاديث كثيرة في مستدركه يصححها وهى عند أئمة أهل العلم بالحديث موضوعة، ومنها ما يكون موقوفا يرفعه.
وهذا كالإسرائيليات؛ يجوز أن يروى منها مالم يعلم أنه كذب للترغيب والترهيب، فيما علم أن اللّه تعالى أمر به في شرعنا ونهى عنه في شرعنا.فإما أن يثبت شرعاً لنا بمجرد الإسرائيليات التى لم تثبت فهذا لا يقوله عالم، ولا كان أحمد بن حنبل ولا أمثاله من الأئمة يعتمدون على مثل هذه الأحاديث في الشريعة.
ومن نقل عن أحمد أنه كان يحتج بالحديث الضعيف الذى ليس بصحيح ولا حسن فقط غلط عليه، ولكن كان في عرف أحمد بن حنبل ومن قبله من العلماء أن الحديث ينقسم إلى نوعين: صحيح، وضعيف.والضعيف عندهم ينقسم إلى ضعيف متروك لا يحتج به، وإلى ضعيف حسن، كما أن ضعف الإنسان بالمرض ينقسم إلى مرض مخوف يمنع التبرع من رأس المال، وإلى ضعيف خفيف لا يمنع من ذلك.
وأول من عرف أنه قسم الحديث ثلاثة أقسام ـ صحيح، وحسن، وضعيف ـ هو أبو عيسى الترمذى في جامعه.والحسن عنده ما تعددت طرقه ولم يكن في رواته متهم وليس بشاذ.فهذا الحديث وأمثاله يسميه أحمد ضعيفاً ويحتج به؛ ولهذا مثل أحمد الحديث الضعيف الذى يحتج به بحديث عمرو بن شعيب وحديث إبراهيم الهجرى ونحوهما.وهذا مبسوط في موضعه.
والأحاديث التى تروى في هذا الباب ـ وهو السؤال بنفس المخلوقين ـ هى من الأحاديث الضعيفة الواهية بل الموضوعة، ولا يوجد في أئمة الإسلام من احتج بها ولا اعتمد عليها، مثل الحديث الذى يروى عن عبد الملك بن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن جده، أن أبا بكر الصديق أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إنى أتعلم القرآن ويتفلت منى. فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: (قل: اللهم إنى أسألك بمحمد نبيك، وبإبراهيم خليلك، وبموسى نجيّك، وعيسى روحك وكلمتك، وبتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وزبور داود، وفرقان محمد، وبكل وحى أوحيته وقضاء قضيته) وذكر تمام الحديث.
وهذا الحديث ذكره رَزِين بن معاوية العبدرى في جامعه ونقله ابن الأثير في جامع الأصول ولم يعزه لا هذا ولا هذا إلى كتاب من كتب المسلمين، لكنه قد رواه من صنف في عمل ( اليوم والليلة ) كابن السُّنِّى وأبى نعيم، وفى مثل هذه الكتب أحاديث كثيرة موضوعة لا يجوز الاعتماد عليها في الشريعة باتفاق العلماء.
وقد رواه أبو الشيخ الأصبهانى في كتاب فضائل الأعمال، وفى هذا الكتاب أحاديث كثيرة كذب موضوعة، رواه أبو موسى المدينى من حديث زيد بن الحباب عن عبد الملك بن هارون بن عنترة وقال: هذا حديث حسن مع أنه ليس بالمتصل،
قال أبو موسى: ورواه محرز بن هشام عن عبد الملك عن أبيه عن جده عن الصديق ـ رضى اللّه عنه ـ وعبد الملك ليس بذاك القوى وكان بالرِّىِّ، وأبوه وجده ثقتان. قلت: عبد الملك بن هارون بن عنترة من المعروفين بالكذب.قال يحيى بن معين: هو كذاب.وقال السعدى: دجال كذاب، وقال أبو حاتم ابن حبان: يضع الحديث.وقال النسائى: متروك.وقال البخارى: منكر الحديث. وقال أحمد بن حنبل: ضعيف. وقال ابن عدى: له أحاديث لا يتابعه عليها أحد.وقال الدارقطنى: هو وأبوه ضعيفان.وقال الحاكم في [كتاب المدخل]: عبد الملك بن هارون بن عنترة الشيبانى روى عن أبيه أحاديث موضوعة.وأخرجه أبو الفرج ابن الجوزى في كتاب [الموضوعات] وقول الحافظ أبى موسى: [هو منقطع] يريد: أنه لو كان رجاله ثقات فإن إسناده منقطع.
وقد روى عبد الملك هذه الأحاديث الأخر المناسبة لهذا في استفتاح أهل الكتاب به ـ كما سيأتى ذكره ـ وخالف فيه عامة ما نقله المفسرون وأهل السير وما دل عليه القرآن، وهذا يدل على ما قاله العلماء فيه: من أنه متروك إما لتعمده الكذب وإما لسوء حفظه، وتبين أنه لا حجة لا في هذا ولا في ذاك.
ومثل ذلك الحديث الذى رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده، عن عمر بن الخطاب مرفوعاً وموقوفا عليه: (أنه لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب، أسألك بحق محمد لما غفرت لى، قال: وكيف عرفت محمداً ؟ قال: لأنك لما خلقتنى بيدك، ونفخت في من روحك، رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش مكتوباً: لا إلا إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك. قال: صدقت يا آدم ؟ ولولا محمد ما خلقتك) وهذا الحديث رواه الحاكم في مستدركه من حديث عبد الله بن مسلم الفهرى عن إسماعيل بن سلمة عنه. قال الحاكم: وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن في هذا الكتاب، وقال الحاكم: هو صحيح.
ورواه الشيخ أبو بكر الآجرى في كتابه الشريعة موقوفاً على عمر من حديث عبد الله ابن إسماعيل بن أبى مريم، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم موقوفا، ورواه الآجرى أيضاً من طريق آخر من حديث عبد الرحمن بن أبى الزناد، عن أبيه، موقوفاً عليه، وقال: حدثنا هارون بن يوسف التاجر، حدثنا أبو مروان العثمانى، حدثنى أبو عثمان بن خالد عن عبد الرحمن بن أبى الزناد، عن أبيه أنه قال: (من الكلمات التى تاب الله بها على آدم قال: اللهم إنى أسألك بحق محمد عليك. قال الله تعالى: وما يدريك ما محمد ؟ قال: يا رب: رفعت رأسى فرأيت مكتوباً على عرشك: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنه أكرم خلقك). قلت: ورواية الحاكم لهذا الحديث مما أنكر عليه، فإنه نفسه قد قال في [كتابه المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم]: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة، لا تخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه.
قلت: وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف باتفاقهم يغلط كثيراً، ضعفه أحمد بن حنبل وأبو زرعة أبو حاتم والنسائى والدارقطنى وغيرهم، وقال أبو حاتم بن حبان: كان يقلب الأخبار وهو لا يعلم، حتى كثر ذلك من روايته من رفع المراسيل وإسناد الموقوف فاستحق الترك.
وأما تصحيح الحاكم لمثل هذا الحديث وأمثاله فهذا مما أنكره عليه أئمة العلم بالحديث وقالوا: إن الحـاكم يصـحح أحـاديث وهى موضوعـة مكذوبة عند أهل المعرفة بالحديث، كما صحح حديث زريب بن برثملى: الذى فيه ذكر وصى المسيح، وهو كذب باتفاق أهل المعرفة، كما بين ذلك البيهقى وابن الجوزى وغيرهما، وكذلك أحاديث كثيرة في مستدركه يصححها وهى عند أئمة أهل العلم بالحديث موضوعة، ومنها ما يكون موقوفا يرفعه.
- التصنيف: