الوعد بالطلاق

منذ 2014-04-26
السؤال:

أمَّا بعد، فهل من حقِّ الزَّوج شرعًا أن يَمنع زَوْجته من الحُصول على رخصة "السواقة"، ولو دفعتْ كلَّ التَّكاليف من مالِها الخاص؟

وما حكم الشَّرع فيما يلي:
سمح الزوجُ لزوجتِه بتعلُّم "السواقة" للحصول على رخصتها، ولكن بعد مرور سنةٍ من التعليم لَم توفَّق الزَّوجة إلى الحصول على الرُّخصة، ولقد كان الزَّوج يطلب من زوجتِه أن تُصاحبه لتتعلَّم في سيَّارته، ولكنَّ الزَّوجة لم تبدِ استعْدادًا؛ لأنَّ الزَّوج يوجهُها بغِلْظة عند ارتكاب خطأٍ حسب اعتقادها، وكان الزَّوج كلَّ مرَّة يطلُب من زوجتِه أن تُبدي استعدادًا واضحًا للتعلُّم، وذلك بطلب اصطحابِها للتعرُّف على الطرُقات وعلامات المرور، ولكن ما تفاعلتِ الزَّوجة مع هذا.

وفي مرَّة بعد رسوبها في محاولة اجتياز الامتِحان وقع كلامٌ بين الزوجين، وقال الزَّوج لزوجتِه: لا داعيَ للبُكاء، قدَّر الله وما شاء فعل، وأنتِ لَم تُظْهِري رغبتَك في التعلُّم، فردَّت الزَّوجة: لقد رسبتُ بنقطةٍ واحدة، وهذا أغضبَ الزَّوج، فأخذ الكلامُ في "فعلت وفعلت"، وقال الزَّوج: "إذا أردتِ أن تستمرِّي في التعلُّم لِلحصول على رُخْصة السِّواقة فأطلِّقك".

وبعد أيَّام طلبتِ الزَّوجة الاستِمْرار في التعلُّم للحصول على رخصة "السواقة"، وأنَّها ستدفع التَّكاليف من مالِها لأنَّها موظَّفة.

فما حكم الشَّرع: هل يطلِّق الزوجُ زوجتَه إذا استمرَّت في التعليم أو يسمح لها وعليه كفَّارة؟

أفتونا جزاكم الله خيرًا، والسلام.

 

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فطاعة الزوجة لزوجِها من أوْجب واجبات الشَّرع، ما لم تكُن في معصية الله تعالى، وطاعته مقدَّمة على طاعةِ أيِّ أحد، حتَّى الوالدَين، وقد سبقَ بيانُ ذلك في فتوى: "
حكم طاعة المرأة زوجها بترك صلة رحمها".
وعليه؛ فللزَّوج منعُ امرأته من الحصول على رخْصة القيادة، حتَّى لو دفعت مصاريفَ تلك الرخصة، لا سيَّما إن كان سيترتَّب محاذيرُ شرعيَّة في سبيل الحصول عليْها؛ كالاختِلاط وابتذال المرأة وغيرها. 

أما قول الزَّوج لامرأته: "إذا أردتِ أن تستمرِّي في التعلُّم للحصول على رخصة السِّواقة فأطلقك" - ليس من الطَّلاق النَّاجز ولا المعلَّق، فالطَّلاق في الشَّرع: إمَّا أن يكون ناجِزًا؛ كقوْل الزَّوج لزوجته: أنت طالق أو نحو ذلك، أو يكون على صيغة اليمين، إما بتعجيل الجزاء أو تأخيره: مثل "الطَّلاق يلزَمُني أن أفعل كذا"، "إن فعلتُ كذا، فامرأتي طالق".

وبالسَّبْر والتَّقسيم، يظهرُ أنَّ الصورة المذكورة في السُّؤال ليست طلاقًا معلَّقا على شرط، ولا مُنجزًا، ولا يمينًا، وإنما هي وعدٌ بالطلاق، وهو ليس طلاقًا بإجماع العلماء؛ وهو كقول الرجل لصاحبه: "إن فعلتَ كذا، فسأكرمكَ"، أو "إن أتيتَني، فسأعطيك ألفًا"، فإن أتى، لا يلزم المتكلِّمَ الوفاءُ بما وعد به.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الوعد بالطلاق لا يقع، ولو كثرت ألفاظه، ولا يجب الوفاء بهذا الوعد ولا يستحب"، وقال الشيخ أحمد هريدي، مفتي مصر الأسبق: "إن قول السائل لزوجته: (والله لأطلقك) - ليس من صيغ الطلاق المنجز أو المعلَّق، إنما هو توعُّد بالطلاق، غير محدد بوقت معيَّن، ومؤكد باليمين، فلا يقع بهذه الصيغة طلاق، مادام السائل لم ينفِّذ ما توعد به من طلاقها بعد الحلف".

وقد سئل سماحة الشيخ ابن باز، مفتي السعودية السابق، عن رجل قال لامرأته: "إذا طهرتِ طلَّقتُكِ"، فقال: "قوله: "إذا طهرت طلقتك" ليس طلاقًا، وإنما هو وعيد بالطلاق".

والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 4
  • 0
  • 53,805

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً