الاتجار في الكحول ولوازم أعياد النصارى والواقي الذكري والمعاجين
أقمت مشروعا للبيع بالتجزئة.
وأنا في أوقات العطل الدينية أبيع سلعا من قبيل: أغراض الزينة الخاصة بالكريسماس، ويوم الأم، وعيد الفصح، و"الهالووين" … الخ، فهل يحرم ذلك؟
كنت أملك محلا تجاريا (سوبر ماركت) ثم بعته، ولم أرغب في الرجوع إلى ذلك العمل مرة أخرى لأني كنت أبيع البيرة ولحم الخنزير.
كما أني أرجو منك يا أخي ألا تمانع أن أسرد بعض الأغراض التي أبيعها، وأرجو أن تخبرني عن حكم بيعها، وهي: الواقي (الذكري)، وبعض الأشكال (الصور) المصنوعة من السيراميك، والسجائر، واليانصيب، وبعض أنواع العلاج التي تحتوي على الكحول، أو حبوب "الجل"، والحلوى التي قد تحوي أمورا محرمة وقد لا يكون فيها شيء من ذلك، ومعجون الأسنان.بعض هذه السلع يحرم علينا نحن المسلمين استعماله، لكن هل يجوز لي بيع تلك السلع للكفار حيث إنهم زبائني الوحيدون؟.
الحمد لله، فقد أحسنت في ترك بيع ما حرم الله من البيرة ولحم الخنزير، ونسأل الله أن يبارك لك في الرزق الحلال وأن يخلف عليك خيرا.
وما سألت عنه تفصيله كالآتي:
1- لا يجوز للمسلم أن يشارك في أعياد الكفار كالكريسماس والفصح، ولا أن يبيع ما يستعان به على ذلك، لقول الله - تعالى -: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).
وكذا الأعياد المبتدعة كعيد الأم، لا يجوز أن يباع فيها ما يكون عونا على إقامتها والاحتفال بها.
2- الأصل جواز استعمال الواقي الذكري وبيعه، إلا إذا علم البائع أو غلب على ظنه أنه يستعمل لغرض محرم، فلا يجوز حينئذ بيعه.
والقاعدة في ذلك كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "كل لباس يغلب على الظن أنه يستعان به على معصية، فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم" شرح العمدة 4/386. وهذا ليس خاصا باللباس، بل هو عام في كل ما يباع ويشترى.
3- يحرم بيع الدخان واليانصيب، وكل سلعة عُلم اشتمالها على أمر محرم.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة 13/55 "لا تحل التجارة في الدخان والجراك، وسائر المحرمات، لأنه من الخبائث، ولما فيه من الضرر البدني والروحي والمالي".
وأما اليانصيب فهو الميسر بعينه. قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: "هذه الصورة التي ذكرها السائل أن يشتري تذكرة ثم قد يحالفه الحظ كما يقول فيربح ربحا كبيرا، هذه داخلة في الميسر الذي قال الله - تعالى -فيه :يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون. وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين) المائدة/90-92. فهذا الميسر وهو كل معاملة لا دائرة بين الغرم والغنم لا يدرى فيها المعامل هل يكون غانما أو يكون غارما، كله محرم بل هو من كبائر الذنوب ولا يخفى على الإنسان قبحه إذا رأى أن الله - تعالى -قرنه بعبادة الأصنام وبالخمر والأزلام) فتاوى إسلامية 4/441.
واعلم أن كل ما حرم تناوله واستعماله فإنه يحرم بيعه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها وإن الله - عز وجل - إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه ) رواه أحمد وأبو داود (3026) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 5107
4- لا يجوز تصوير ذوات الأرواح من إنسان أو طير أو حيوان، وكون ذلك على هيئة مجسمة أشد تحريما.
وعليه فلا يجوز بيع شيء من هذه الصور المصنوعة من السيراميك أو غيره إذا كانت على هذه الصفة، أما إذا كانت الصور لذوات الأرواح كالجبال ونحوها من المناظر الطبيعية فلا بأس بصناعتها وبيعها.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة 13/73 (بيع صور ذوات الأرواح وشراؤها محرم لما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام " متفق عليه، ولما قد يسببه ذلك من غلو في أهلها، كما قد وقع ذلك في قوم نوح... ولغير ذلك من النصوص الكثيرة التي وردت في تحريم التصوير واستعمال صور ذوات الأرواح).
5- وأما العلاجات التي تحتوي على الكحول فإذا كانت نسبة الكحول فيها كبيرة بحيث يسكر الإنسان إذا شرب من هذا الدواء كمية كبيرة فهذا الدواء خمر يحرم استعماله وبيعه، أما إذا كانت نسبة الكحول قليلة بحيث لا يسكر الإنسان مهما شرب من هذا الدواء فيباح استعماله وبيعه.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة حول بيع العطورات المشتملة على الكحول: (إذا كانت نسبة الكحول بالعطور بلغت درجة الإسكار بشرب الكثير من تلك العطور، فالشرب من تلك العطور محرم، والاتجار فيه محرم، وكذا سائر أنواع الانتفاع؛ لأنه خمر، سواء كثر أم قل. وإن لم يبلغ المخلوط من العطور بالكحول درجة الإسكار بشر الكثير منه جاز استعماله والاتجار فيه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " ما أسكر كثيره فقليله حرام) فتاوى اللجنة الدائمة 13/54
6- ما حرم على المسلم استعماله لم يجز بيعه على مسلم أو كافر؛ لأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة في قول جمهور العلماء، فيحرم عليهم ما يحرم على المسلمين. فلا يجوز أن يباع لهم شيء من الخمر أو الخنزير، ولا غيرهما مما ثبتت حرمته في ديننا، ولو فرض إباحته في شريعتهم؛ لأن شريعة الإسلام ناسخة ومهيمنة على تقدمها من الشرائع.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة 13/49
س: هل تجوز المتاجرة في الخمور والخنازير إذا كان لا يبيعها لمسلم؟
ج: لا يجوز المتاجرة فيما حرم الله من الأطعمة وغيرها، كالخمور والخنزير ولو مع الكفرة؛ لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه ) (رواه أحمد رقم 2564، صحيح الجامع 5107)، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - لعن الخمر وشاربها وبائعها ومشتريها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها وعاصرها ومعتصرها (رواه الترمذي برقم 1295 وصحيح الترمذي 1041). انتهى.
والله أعلم.
محمد صالح المنجد
أحد طلبة العلم والدعاة المتميزين بالسعودية. وهو من تلاميذ العالم الإمام عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه.
- التصنيف:
- المصدر: