زكاة الذهب وزكاة العقار المستأْجَر
بسمِ الله الرَّحْمن الرَّحيم
السَّلام عليْكُم، ورحْمة الله وبركاته،
أريدُ الاستِفْسارعنْ قيمةِ زكاةِ المال، وزكاة العقار المُستأْجَر، هل الزكاةُ عليْه تكون من قيمة الإيجارالسَّنوي، أو من قيمة سِعْر العقاربالمبلغِ المشترى به، أو المبلغ الذي يُساوِيه العقار في وقت إخراج الزكاة؟
حيث إنَّ عندي عقارًا اشتريتُه من عامٍ في بلدي، وهو الحين مستأجر ولا أدري كيفَ أُخرج الزكاة عنه؟
وكذلِك زكاة الذَّهب، كم قيمتُها؟ وزكاة قطعةِ أرضٍ اشتَرَيْتُها وتَرَكْتُها لحين يكبر أولادِي وينتفعون بِها، كم أُخْرج الزكاة عنها؟ هل من قيمة ما اشتريتُها من سعر حينِها أو من قيمةِ سِعْرِها عند وقتِ إخراج الزكاة؟ والزكاة هل تُخرَج كلَّ عامٍ فقطْ؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنَّ الزَّكاة تَجِب في مالِ المُسْلم متَى بلَغَ النِّصاب المقرَّر شرْعًا، وحالَ عليْهِ الحَوْل.
والنِّصابُ الشَّرْعيُّ: هو ما يُقابِل قيمتُه بالنُّقود الحاليَّة قيمةَ (85) جرامًا من الذَّهَبِ الخالص.
فمَن مَلَكَ من المال نصابًا بِنَفْسِه، أو بِما انضمَّ إليْه من نقودٍ أُخْرى - ذهب أو فضَّة أو عُروض تِجارة - وحالَ عليه الحوْلُ، وجبَ عليْهِ إخراجُ الزَّكاة، وهي رُبْعُ العُشْر أي: 2.5%.
أمَّا العقارات المعدَّة للتَّأْجير فلا زكاةَ فيها، وإنَّما الزَّكاة في الأُجْرة، إذا بلغتْ نِصابًا، وحالَ عليها الحَول، ويبدأُ الحَول من حين العقد؛ قال ابنُ قدامة - رحِمه الله - في "المغني": "ولو أجَّر دارَه سنتيْنِ بأَرْبعين دينارًا، مَلَكَ الأُجرة من حين العقد، وعليْهِ زكاةُ جَميعِها إذا حال عليْه الحول". اهـ.
وقد قرَّر مَجلس المجمَّع الفِقْهي الإسلاميِّ بِشأْنِ زكاة أجور العقار ما يلي:
أوَّلاً: العقار المعدُّ للسكْنَى، هو من أموال الْقِنْيَة، فلا تَجِبُ فيه الزَّكاة إطلاقًا، لا في رقبَتِه ولا في قدْرِ أُجْرته.
ثانيًا: العقار المعدُّ للتجارة، هو من عروض التجارة، فتجِبُ الزَّكاة في رقبته، وتقدَّر قيمتُه عند مُضِيِّ الحَوْلِ عليْه.
ثالثًا: العقار المعدُّ للإيجار، تَجِبُ الزَّكاة في أُجْرَتِه فقط، دون رقبته.
رابعًا: نظرًا إلى أنَّ الأجرة تَجِبُ في ذِمَّة المستأجر للمؤجر، من حين عقد الإجارة، فيجب إخراج زكاة الأجرة، عند انتهاء الحوْل، من حين عقد الإجارة بعد قبْضِها.
خامسًا: قدر زكاة رقبَةِ العقار، إن كان للتجارة، وقدر زكاة غلَّته، إن كان للإجارة، هو ربع العشر، إلحاقًا له بالنَّقْدَيْن.
وصلَّى الله على سيِّدنا مُحمَّد، وعلى آله وصحْبِه وسلَّم تسليمًا كثيرًا، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
أمَّا الذَّهبُ، فمتى بلغ الذَّهبُ نِصابًا بنَفْسِه، أو بِما انضمَّ إليْه من أموالٍ أو عُروضٍ للتِّجارة، فإنَّه يَجِبُ إخْراجُ ربْعِ العشر، أي: 2.5%.
أما إن كان الذهب في صورة حلي، فقد سبق بيان زكاته في فتوى: "زكاة الحلي وزكاة العقار".
أمَّا قطعة الأرض، فإن كنتِ قدِ اشتريتِها بِنِيَّة الاقتِناء، لا التِّجارة، كما هو الظاهر من السؤال، فلا زكاةَ فيها؛ لأن أهل العلم إنما أوجبوا الزكاة في العقارات المعدة للبيع وحسب، بخلاف ما يُنوي به القنْية؛ فلا زكاة فيه.
وأما إن كانت الأرضُ المَذْكورة مقصودةً للتِّجارة، وجبتْ فيها الزَّكاة، فتقوَّم بسعرِ السُّوق عند حوَلانِ الحَوْلِ، ويُخْرج من ذلك ربع العشر 2.5%.
وتُحسَب الزَّكاة بالنِّسبة إلى سِعْرِ يومِ إخْراج الزَّكاة، وليس سِعْر يوم الشِّراء.
كما يَجِبُ تكْرار الزَّكاة كلَّ عامٍ في المال إذا استوْفَى الشُّروط الموجِبة للزَّكاة، قال ابنُ حَزم - رحِمه الله -: "واتَّفقوا على أنَّ الزَّكاة تتكرَّر في كلِّ مالٍ عند انقِضاء كلِّ حوْلٍ، حاشا الزَّرْع والثِّمار، فإنَّهم اتَّفقوا أنْ لا زكاةَ فيها إلا مرَّة في الدَّهر فقطْ". انتهى من "مراتب الإجماع".
ولِمزيدٍ من التَّفصيل والفائدة نَرجو مراجعةَ فتوى: "زكاة العقار الذي اشتري بالتقسيط"،،
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: