الإفطار عند غروب الشَّمس
هل جائز عند غروب الشَّمس الإفطار؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإذا تحقَّق المسلِم من غروب الشَّمْسِ بمُشَاهدتِها، أو غَلَب على ظنِّه الغروبُ بِخبرٍ موثوقٍ به، بأذانٍ أو بالاعتِماد على التَّقاويم الحسابيَّة الَّتي بأيْدي النَّاس، أو غير ذلك - استُحبَّ له التَّعجيل بالإفْطار؛ لما ورد عن أبي عطيَّة قال: "دخلتُ أنا ومسروقٌ على عائشةَ فقُلنا: يا أمَّ المؤمنين، رجُلان من أصْحاب محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - أحدُهُما يعجِّل الإفْطار ويعجِّل الصَّلاة، والآخَر يؤخِّر الإفطار ويؤخِّر الصَّلاة، قالت: أيُّهما الَّذي يعجِّل الإفطار ويعجِّل الصَّلاة؟ قال: قُلنا: عبدالله - يعني: ابن مسعود - قالتْ: كذلك كان يصنعُ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم"؛ رواه مسلم.
وعن ابن أبي أوْفى - رضِي الله عنْه - قال: كنتُ مع النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في سفرٍ، فصام حتَّى أمْسى، فقال لرجُل: « » – المراد: إعداد نوعٍ معيَّن من الطَّعام ليُفطر عليه - قال: لوِ انتظرت حتَّى تُمسي، قال: « »؛ متَّفق عليه.
وعن سَهْلِ بنِ سعد - رضي الله عنْه -: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: « »؛ متفق عليه.
قال الحافِظ ابن حجر في "فتح الباري": "قال المهلب: والحِكْمة في ذلك: ألاّ يُزاد في النَّهار من اللَّيل، ولأنَّه أرْفق بالصَّائم وأقوى له على العبادة، واتَّفق العلماء على أنَّ محلَّ ذلك إذا تحقَّق غروب الشَّمس بالرؤْية، أو بإخبار عَدْلينِ، وكذا عدْل واحد في الأرْجح، قال ابن دقيق العيد: في هذا الحديث ردٌّ على الشِّيعة في تأْخيرهم الفطْر إلى ظهور النجوم، ولعلَّ هذا هو السَّبب في وجود الخير بتعْجيل الفطْر؛ لأنَّ الَّذي يؤخِّره يدخل في فعل خِلاف السنَّة. اهـ.
قال الشَّافعي في "الأم": تعْجيل الفطر مستحبٌّ، ولا يُكْره تأْخيره إلاَّ لِمن تعمَّده ورأى الفضْل فيه، ومقتضاه: أنَّ التَّأخير لا يُكْره مطلقًا، وهو كذلك؛ إذ لا يلزم من كوْن الشَّيء مستحبًّا أن يكون نقيضُه مكروهًا مطلقا". اهـ.
قال النووي: "فيه الحَثُّ على تَعْجِيله بَعْد تَحَقُّقِ غُرُوبِ الشَّمْسِ، ومَعْناهُ: لا يَزَال أمْر الأُمَّة مُنْتَظِمًا وهُمْ بِخَيْرٍ ما دَامُوا مُحَافِظينَ عَلى هَذِه السُّنَّة، وإذا أخَّرُوهُ كَانَ ذَلِكَ عَلامَةً عَلى فَسَادٍ يَقَعونَ فِيه"،،
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: