الفضيلة المتعلقة بنفس العبادة أولى من الفضيلة المتعلقة بمكانها
سؤالي عن المساجد التي تنتشر في مصر وتكون أسفل البيوت والتي نطلق عليها (زاوية) يؤذن فيها للصلوات الخمس وتقام فيها صلاة الجمعة:
1- هل تجزئ صلاة الجماعة فيها وإذا كانت الإجابة بنعم هل يقل الأجر عن المساجد الجامعة؟
2- ما حكم صلاة الجمعة فيها مع العلم انه يزيد العدد عن40 رجلا؟
3- هل الصلاة في هذه المساجد مع إدراك تكبيرة الإحرام أفضل أم الصلاة في المساجد الجامعة مع عدم إدراك تكبيرة الحرام؟
4- ما الحكم إذا ترتب على الصلاة في المساجد الجامعة ضياع الجماعة الأولى مع إمكانية إدراكها في الزاوية؟
5- هل في قوله تعالى (في بيوت أذن الله أن ترفع) إشارة في كلمة (ترفع) إلى عدم وجود شيء أعلى المسجد من سكن وغيره؟
6- هل يختلف الحكم فى هذه الزوايا اذا كانت في أماكن العمل ولا يؤذن فيها للفجر وكذلك أيام العطلات والجمعات وأحيانا في العشاء؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالمسجد الصغير صلاة الجماعة فيه مجزئة لكن ثواب الصلاة أعظم في المسجد الأبعد والأكثر جماعة، وأما الجمعة فتجزئ إقامتها في هذه المساجد لاسيما إذا دعت الحاجة إلى ذلك لضيق الجوامع الموجودة أو بعدها بحيث يشق الذهاب إليها.
والصلاة في المسجد الأكثر جماعة فيه مزيد فضل وثواب في حين أن إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام مرغب فيه ولم نقف على شيء من كلام أهل العلم يفيد تفضيل أحد الأمرين على الآخر، لكن الذي يظهر لنا أن إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام في المسجد الصغير أفضل من الذهاب إلى المسجد الجامع مع فوات شيء من الصلاة كتكبيرة الإحرام إذ أداء الصلاة كلها في جماعة أفضل من أداء بعضها فيها كما قرر ذلك أهل العلم، وهذه فضيلة عائدة إلى ذات العبادة، وما كان كذلك فإنه يقدم على الفضيلة العائدة إلى مكان العبادة. قال الإمام الزركشي رحمه الله في المنثور في القواعد الفقهية: الفضيلة المتعلقة بنفس العبادة أولى من الفضيلة المتعلقة بمكانها. انتهى.
وأداء الصلاة في المسجد الصغير في الجماعة الأولى أولى من أدائها في المسجد الجامع في جماعة ثانية.
والمقصود من رفع المساجد في الآية الكريمة ما يشمل بناءها وتنظيفها وتطهيرها من الأدناس وكل ما لا يليق من لغو الأقوال والأفعال.
قال ابن كثير في تفسيره: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} أي أمر الله تعالى بتعاهدها وتطهيرها من الدنس واللغو والأقوال والأفعال التي لا تليق فيها كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية الكريمة {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ}، قال نهى الله سبحانه عن اللغو فيها إلى أن قال: وقال قتادة: هي هذه المساجد أمر الله سبحانه وتعالى ببنائها وأخر بعمارتها ورفعها وتطهيرها. انتهى.
وفي تفسير القرطبي: قوله تعالى: {أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} أذن معناه أمر وقضى، وحقيقة الإذن العلم والتمكين دون حظر، فإن اقترن بذلك أمر وإنفاذ كان أقوى، وترفع قيل معناه: تبنى وتعلى، قاله مجاهد وعكرمة، ومنه قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ}، وقال صلى الله عليه وسلم: « ». وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة تحض على بنيان المساجد. وقال الحسن البصري وغيره: معنى ترفع تعظم، ويرفع شأنها من الأنجاس والأقذار. انتهى.
ولم نقف على من قال إن معنى رفع المسجد عدم وجود بناء أعلى منه من سكن أو غيره، وأما المصليات في أماكن العمل فإن كانت لم توقف لذلك ولا يؤذن فيها للصلوات الخمس فإنها لا تأخذ أحكام المساجد لكن الجماعة فيها مجزئة، وينال المصلي فيها مضاعفة ثواب الجماعة وإن كان ذلك دون ثواب المصلي في المسجد.
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: