سُئلَ : هل النبي صلى الله عليه وسلم رأى مـوسى في قبره؟
منذ 2006-12-01
السؤال: سُئلَ رَحمَهُ اللَّهُ عن هذه الأحاديث: أن النبي صلى الله عليه
وسلم رأى مـوسى عليه السلام وهو يصلي في قبره، ورآه وهو يطوف بالبيت،
ورآه في السماء، وكذلك بعض الأنبياء. وهل إذا مات أحد يبقى له عمل،
والحديث أنه ينقطع عمله؟ وهل ينتفع بهذه الصلاة والطواف؟ وهل رأى
الأنبياء بأجسادهم في هذه الأماكن أم بأرواحهم؟
الإجابة: الحمد للّه رب العالمين، أما رؤيا موسى عليه السلام في الطواف، فهذا
كان رؤيا منام، لم يكن ليلة المعراج كذلك جاء مفسرا كما رأى المسيح
أيضًا، ورأى الدجال.
وأما رؤيته ورؤية غيره من الأنبياء ليلة المعراج في السماء لما رأى آدم في السماء الدنيا، ورأى يحيى وعيسى في السماء الثانية، ويوسف في الثالثة، وإدريس في الرابعة، وهارون في الخامسة، وموسى في السادسة، وإبراهيم في السابعة أو بالعكس، فهذا رأى أرواحهم مصورة في صور أبدانهم.
وقد قال بعض الناس: لعله رأى نفس الأجساد المدفونة في القبور، وهذا ليس بشىء.
لكن عيسى صعد إلى السماء بروحه وجسده، وكذلك قد قيل في إدريس.
وأما إبراهيم وموسى وغيرهما، فهم مدفونون في الأرض.
والمسيح صلى الله عليه وسلم وعلى سائر النبيين لابد أن ينزل إلى الأرض على المنارة البيضاء شرقي دمشق، فيقتل الدجال، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة؛ ولهذا كان في السماء الثانية مع أنه أفضل من يوسف، وإدريس، وهارون؛ لأنه يريد النزول إلى الأرض قبل يوم القيامة، بخلاف غيره.
وآدم كان في سماء الدنيا؛ لأن نَسَم بنيه تعرض عليه أرواح السعداء والأشقياء لا تفتح لهم أبواب السماء، ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط فلا بد إذا عرضوا عليه أن يكون قريبًا منهم.
وأما كونه رأى موسى قائما يصلي في قبره، ورآه في السماء أيضًا، فهذا لا منافاة بينهما، فإن أمر الأرواح من جنس أمر الملائكة، في اللحظة الواحدة تصعد، وتهبط كالملك، ليست في ذلك كالبدن.
وقد بسطت الكلام على أحكام الأرواح بعد مفارقة الأبدان في غير هذا الموضع، وذكرت بعض ما في ذلك من الأحاديث، والآثار، والدلائل.
وهذه الصلاة ونحوها مما يتمتع بها الميت، ويتنعم بها كما يتنعم أهل الجنة بالتسبيح، فإنهم يُلْهَمون التسبيح كما يلهم الناس في الدنيا النَّفَس، فهذا ليس من عمل التكليف الذي يطلب له ثواب منفصل، بل نفس هذا العمل هو من النعيم الذي تتنعم به الأنفس وتتلذذ به.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ، يريد به العمل الذي يكون له ثواب، لم يرد به نفس العمل الذي يتنعم به، فإن أهل الجنة يتنعمون بالنظر إلى اللّه، ويتنعمون بذكره وتسبيحه، ويتنعمون بقراءة القرآن، ويقال لقارئ القرآن: اقرأ وارْقَ، ورتِّل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها.
ويتنعمون بمخاطبتهم لربهم ومناجاته، وإن كانت هذه الأمور في الدنيا أعمالًا يترتب عليها الثواب فهي في الآخرة أعمال يتنعم بها صاحبها أعظم من أكله وشربه ونكاحه، وهذه كلها أعمال أيضًا والأكل والشرب والنكاح في الدنيا مما يؤمر به ويثاب عليه مع النية الصالحة، وهو في الآخرة نفس الثواب الذي يتنعم به .
وهذا قدر ما احتملته هذه الورقة، فإن هذه المسائل لها بسط طويل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - المجلد الرابع (العقيدة)
وأما رؤيته ورؤية غيره من الأنبياء ليلة المعراج في السماء لما رأى آدم في السماء الدنيا، ورأى يحيى وعيسى في السماء الثانية، ويوسف في الثالثة، وإدريس في الرابعة، وهارون في الخامسة، وموسى في السادسة، وإبراهيم في السابعة أو بالعكس، فهذا رأى أرواحهم مصورة في صور أبدانهم.
وقد قال بعض الناس: لعله رأى نفس الأجساد المدفونة في القبور، وهذا ليس بشىء.
لكن عيسى صعد إلى السماء بروحه وجسده، وكذلك قد قيل في إدريس.
وأما إبراهيم وموسى وغيرهما، فهم مدفونون في الأرض.
والمسيح صلى الله عليه وسلم وعلى سائر النبيين لابد أن ينزل إلى الأرض على المنارة البيضاء شرقي دمشق، فيقتل الدجال، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة؛ ولهذا كان في السماء الثانية مع أنه أفضل من يوسف، وإدريس، وهارون؛ لأنه يريد النزول إلى الأرض قبل يوم القيامة، بخلاف غيره.
وآدم كان في سماء الدنيا؛ لأن نَسَم بنيه تعرض عليه أرواح السعداء والأشقياء لا تفتح لهم أبواب السماء، ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط فلا بد إذا عرضوا عليه أن يكون قريبًا منهم.
وأما كونه رأى موسى قائما يصلي في قبره، ورآه في السماء أيضًا، فهذا لا منافاة بينهما، فإن أمر الأرواح من جنس أمر الملائكة، في اللحظة الواحدة تصعد، وتهبط كالملك، ليست في ذلك كالبدن.
وقد بسطت الكلام على أحكام الأرواح بعد مفارقة الأبدان في غير هذا الموضع، وذكرت بعض ما في ذلك من الأحاديث، والآثار، والدلائل.
وهذه الصلاة ونحوها مما يتمتع بها الميت، ويتنعم بها كما يتنعم أهل الجنة بالتسبيح، فإنهم يُلْهَمون التسبيح كما يلهم الناس في الدنيا النَّفَس، فهذا ليس من عمل التكليف الذي يطلب له ثواب منفصل، بل نفس هذا العمل هو من النعيم الذي تتنعم به الأنفس وتتلذذ به.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ، يريد به العمل الذي يكون له ثواب، لم يرد به نفس العمل الذي يتنعم به، فإن أهل الجنة يتنعمون بالنظر إلى اللّه، ويتنعمون بذكره وتسبيحه، ويتنعمون بقراءة القرآن، ويقال لقارئ القرآن: اقرأ وارْقَ، ورتِّل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها.
ويتنعمون بمخاطبتهم لربهم ومناجاته، وإن كانت هذه الأمور في الدنيا أعمالًا يترتب عليها الثواب فهي في الآخرة أعمال يتنعم بها صاحبها أعظم من أكله وشربه ونكاحه، وهذه كلها أعمال أيضًا والأكل والشرب والنكاح في الدنيا مما يؤمر به ويثاب عليه مع النية الصالحة، وهو في الآخرة نفس الثواب الذي يتنعم به .
وهذا قدر ما احتملته هذه الورقة، فإن هذه المسائل لها بسط طويل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - المجلد الرابع (العقيدة)
- التصنيف: