سُئلَ:عن علو اللّه على سائر مخلوقاته
منذ 2006-12-01
السؤال: سُئلَ: شيخ الإسلام رحمه اللّه عن علو اللّه على سائر مخلوقاته
الإجابة: أما علو اللّه تعالى على سائر مخلوقاته، وأنه كامل الأسماء الحسنى
والصفات العلى، فالذي يدل عليه منها الكتاب: قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ
وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر:10]،
وقوله: {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا
عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } [آل
عمران:55]، وقوله: {أَأَمِنتُم
مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ
تَمُورُ أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ
حَاصِبًا} [الملك:16-17]، وقوله: {بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ}
[النساء:158]، وقوله: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ
إِلَيْهِ} [المعارج: 4]، وقوله: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى
الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة: 5]،
وقوله: {يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن
فَوْقِهِمْ} [النحل: 50].
وقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} في ستة مواضع؛ وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]، وقوله إخبارًا عن فرعون: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} [غافر:36، 37]، وقوله: {تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:42]، وقوله: {مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ } [الأنعام:114]، وأمثال ذلك.
والذي يدل عليه من السنة: قصة معراج الرسول إلى ربه، ونزول الملائكة من عند اللّه وصعودها إليه، وقوله في الملائكة الذين يتعاقبون في الليل والنهار .
وفي حديث الخوارج ، وفي حديث الرقية ، وفي حديث الأوعال ، وفي حديث قبض الروح .
وفي سنن أبي داود: عن جبير بن مطعم قال وقال بأصابعه مثل القبة.
وفي الصحيح عن جابر بن عبد اللّه؛ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لما خطب خطبة عظيمة يوم عرفات في أعظم جمع حضره رسول اللّه صلى الله عليه وسلم جعل يقول .
وحديث الجارية لما سألها ، وعلل ذلك بإيمانها.
وأمثاله كثيرة.
وأما الذي يدل عليه من الإجماع: ففي الصحيح عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: كانت زينب تفتخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، تقول: زوجكن أهاليكن وزوجني اللّه من فوق سبع سمواته.
وروى عبد اللّه بن أحمد وغيره بأسانيد صحاح عن ابن المبارك، أنه قيل له: بم نعرف ربنا؟ قال: بأنه فوق سمواته على عرشه، بائن من خلقه، ولا نقول كما قالت الجهمية: إنه هاهنا في الأرض.
وبإسناد صحيح عن سليمان بن حرب الإمام سمعت حماد بن زيد وذكر الجهمية فقال: إنما يحاولون أن يقولوا: ليس في السماء شيء.
وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن عامر الضبعي إمام أهل البصرة علمًا ودينًا أنه ذكر عنده الجهمية فقال: هم أشرُّ قولًا من اليهود والنصارى، وقد اجتمع أهل الأديان مع المسلمين على أن اللّه تعالى على العرش، وقالوا هم: ليس على العرش شيء.
وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة إمام الأئمة من لم يقل: إن اللّه فوق سمواته على عرشه، بائن من خلقه، وجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه، ثم ألقى على مزبلة، لئلا يتأذى به أهل القبلة ولا أهل الذمة.
وروى الإمام أحمد قال: إن شريح بن النعمان قال: سمعت عبد اللّه بن نافع الصائغ قال: سمعت مالك بن أنس يقول: اللّه في السماء، وعلمه في كل مكان، لا يخلو من علمه مكان.
وحكى الأوزاعي أحد الأئمة الأربعة في عصر تابعي التابعين الذين هم مالك إمام أهل الحجاز، والأوزاعي إمام أهل الشام، والليث إمام أهل البصرة، والثوري إمام أهل العراق حكى شهرة القول في زمن التابعين بالإيمان بأن اللّه تعالى فوق العرش وبصفاته السمعية، وإنما قاله بعد ظهور جَهْم، المنكر لكون اللّه فوق عرشه النافي لصفاته، ليعرف الناس أن مذهب السلف خلافه.
وروى الخلال بأسانيد كلهم أئمة عن سفيان بن عيينة قال: سئل ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]: كيف استوى؟ قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ومن اللّه الرسالة، ومن الرسول البلاغ، وعلينا التصديق.
وهذا مروي عن مالك بن أنس تلميذ ربيعة بن أبي عبد الرحمن أو نحوه. وقال الشافعي: خلافة أبي بكر حق، قضاه اللّه تعالى في سمائه، وجمع عليه قلوب عباده.
ولو يجمع ما قاله الشافعي في هذا الباب لكان فيه كفاية، ومن أصحاب الشافعي عبد العزيز بن يحيى الكناني المكي، له كتاب: [الرد على الجهمية] وقرر فيه[مسألة العلو] وأن اللّه تعالى فوق عرشه.
والأئمة في الحديث والفقه والسنة والتصوف المائلون إلى الشافعي ما من أحد منهم إلا له كلام فيما يتعلق بهذا الباب ما هو معروف، يطول ذكره.
وفي كتاب [الفقه الأكبر] المشهور عن أبي حنيفة، يروونه بأسانيد عن أبي مطيع الحكم بن عبد اللّه، قال: سألت أبا حنيفة عن [الفقه الأكبر] فقال: لا تكفرن أحدًا بذنب.
إلى أن قال عمن قال: لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر؛ لأن اللّه يقول: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]، وعرشه فوق سبع سموات.
قلت: فإن قال: إنه على العرش، ولكن لا أدري، العرش في السماء أم في الأرض.
قال: هو كافر وإنه يدعى من أعلى لا من أسفل.
وسئل عليُّ بن المديني عن قوله: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ}. [المجادلة:7] الآية قال: اقرأ ما قبله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} الآية [المجادلة:7].
وروى عن أبي عيسى الترمذي قال: هو على العرش كما وصف في كتابه، وعلمه وقدرته وسلطانه في كل مكان.
وأبو يوسف لما بلغه عن المريسي أنه ينكر الصفات الخبرية، وأن اللّه فوق عرشه، أراد ضربه فهرب، فضرب رفيقه ضربًا بشعًا.
وعن أصحاب أبي حنيفة في هذا الباب ما لا يحصى.
ونقل أيضًا عن مالك: أنه نص على استتابة الدعاة إلى [مذهب جهم]، ونهى عن الصلاة خلفهم.
ومن أصحابه محمد بن عبد اللّه بن أبي زمنين الإمام المشهور قال: في الكتاب الذي صنفه في [أصول السنة]:
باب الإيمان بالعرش
قال: ومن قول أهل السنة: أن اللّه خلق العرش وخصه بالعلو والارتفاع فوق جميع ما خلق، ثم استوى عليه كيف شاء، كما أخبر عن نفسه في قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]، إلى أن قال: فسبحان من بَعُدَ فلا يُرى، وقَرُبَ بعلمه وقدرته.
وأما أحمد بن حنبل وأصحابه فهم أشهر في هذا الباب، وبه ائتم أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري المتكلم صاحب الطريقة المنسوبة إليه قال:
فصل في إبانة قول أهل الحق والسنة
فإن قال قائل: قد أنكرتم قول المعتزلة، والقدرية، والجهمية، والحرورية والرافضة، والمرجئة، فعرفونا قولكم الذي تقولون، وديانتكم التي بها تدينون.
قيل له: قولنا الذي نقول به وديانتنا التي بها ندين اللّه: التمسك بكتاب ربنا، وسنة نبينا محمد، وما روى عن الصحابة والتابعين، وأئمة الحديث.
ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول أبو عبد اللّه أحمد بن حنبل نضر اللّه وجهه، ورفع درجته، وأجزل مثوبته قائلون، ولما خالف قوله مخالفون؛ لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان اللّه به الحق عند ظهور الضلال، وأوضح به المنهاج، وقَمَع به بدع المبتدعين، وزيغ الزائغين، وشك الشاكين، فرحمة اللّه عليه من إمام مُقَدَّم، وجليل معظم، وكبير مفهم.
وجملة قولنا: بأنا نقر باللّه، وملائكته، وكتبه، ورسله، وبما جاؤوا به من عند اللّه وبما رواه الثقات عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، لا نرد من ذلك شيئًا، وأن اللّه واحد لا إله إلا هو، فرد صمد، لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا، وأن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق، وأن الجنة حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن اللّه يبعث من في القبور، وأن اللّه مستو على عرشه كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]، ونعود فيما اختلفنا فيه إلى كتاب ربنا وسنة نبينا وإجماع المسلمين.
إلى أن قال: باب ذكر الاستواء على العرش إلى أن قال: فإن قال قائل: فما تقولون في الاستواء؟ قيل له: إن اللّه مستو على عرشه كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - المجلد الخامس (العقيدة)
وقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} في ستة مواضع؛ وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]، وقوله إخبارًا عن فرعون: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} [غافر:36، 37]، وقوله: {تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:42]، وقوله: {مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ } [الأنعام:114]، وأمثال ذلك.
والذي يدل عليه من السنة: قصة معراج الرسول إلى ربه، ونزول الملائكة من عند اللّه وصعودها إليه، وقوله في الملائكة الذين يتعاقبون في الليل والنهار .
وفي حديث الخوارج ، وفي حديث الرقية ، وفي حديث الأوعال ، وفي حديث قبض الروح .
وفي سنن أبي داود: عن جبير بن مطعم قال وقال بأصابعه مثل القبة.
وفي الصحيح عن جابر بن عبد اللّه؛ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لما خطب خطبة عظيمة يوم عرفات في أعظم جمع حضره رسول اللّه صلى الله عليه وسلم جعل يقول .
وحديث الجارية لما سألها ، وعلل ذلك بإيمانها.
وأمثاله كثيرة.
وأما الذي يدل عليه من الإجماع: ففي الصحيح عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: كانت زينب تفتخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، تقول: زوجكن أهاليكن وزوجني اللّه من فوق سبع سمواته.
وروى عبد اللّه بن أحمد وغيره بأسانيد صحاح عن ابن المبارك، أنه قيل له: بم نعرف ربنا؟ قال: بأنه فوق سمواته على عرشه، بائن من خلقه، ولا نقول كما قالت الجهمية: إنه هاهنا في الأرض.
وبإسناد صحيح عن سليمان بن حرب الإمام سمعت حماد بن زيد وذكر الجهمية فقال: إنما يحاولون أن يقولوا: ليس في السماء شيء.
وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن عامر الضبعي إمام أهل البصرة علمًا ودينًا أنه ذكر عنده الجهمية فقال: هم أشرُّ قولًا من اليهود والنصارى، وقد اجتمع أهل الأديان مع المسلمين على أن اللّه تعالى على العرش، وقالوا هم: ليس على العرش شيء.
وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة إمام الأئمة من لم يقل: إن اللّه فوق سمواته على عرشه، بائن من خلقه، وجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه، ثم ألقى على مزبلة، لئلا يتأذى به أهل القبلة ولا أهل الذمة.
وروى الإمام أحمد قال: إن شريح بن النعمان قال: سمعت عبد اللّه بن نافع الصائغ قال: سمعت مالك بن أنس يقول: اللّه في السماء، وعلمه في كل مكان، لا يخلو من علمه مكان.
وحكى الأوزاعي أحد الأئمة الأربعة في عصر تابعي التابعين الذين هم مالك إمام أهل الحجاز، والأوزاعي إمام أهل الشام، والليث إمام أهل البصرة، والثوري إمام أهل العراق حكى شهرة القول في زمن التابعين بالإيمان بأن اللّه تعالى فوق العرش وبصفاته السمعية، وإنما قاله بعد ظهور جَهْم، المنكر لكون اللّه فوق عرشه النافي لصفاته، ليعرف الناس أن مذهب السلف خلافه.
وروى الخلال بأسانيد كلهم أئمة عن سفيان بن عيينة قال: سئل ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]: كيف استوى؟ قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ومن اللّه الرسالة، ومن الرسول البلاغ، وعلينا التصديق.
وهذا مروي عن مالك بن أنس تلميذ ربيعة بن أبي عبد الرحمن أو نحوه. وقال الشافعي: خلافة أبي بكر حق، قضاه اللّه تعالى في سمائه، وجمع عليه قلوب عباده.
ولو يجمع ما قاله الشافعي في هذا الباب لكان فيه كفاية، ومن أصحاب الشافعي عبد العزيز بن يحيى الكناني المكي، له كتاب: [الرد على الجهمية] وقرر فيه[مسألة العلو] وأن اللّه تعالى فوق عرشه.
والأئمة في الحديث والفقه والسنة والتصوف المائلون إلى الشافعي ما من أحد منهم إلا له كلام فيما يتعلق بهذا الباب ما هو معروف، يطول ذكره.
وفي كتاب [الفقه الأكبر] المشهور عن أبي حنيفة، يروونه بأسانيد عن أبي مطيع الحكم بن عبد اللّه، قال: سألت أبا حنيفة عن [الفقه الأكبر] فقال: لا تكفرن أحدًا بذنب.
إلى أن قال عمن قال: لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر؛ لأن اللّه يقول: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]، وعرشه فوق سبع سموات.
قلت: فإن قال: إنه على العرش، ولكن لا أدري، العرش في السماء أم في الأرض.
قال: هو كافر وإنه يدعى من أعلى لا من أسفل.
وسئل عليُّ بن المديني عن قوله: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ}. [المجادلة:7] الآية قال: اقرأ ما قبله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} الآية [المجادلة:7].
وروى عن أبي عيسى الترمذي قال: هو على العرش كما وصف في كتابه، وعلمه وقدرته وسلطانه في كل مكان.
وأبو يوسف لما بلغه عن المريسي أنه ينكر الصفات الخبرية، وأن اللّه فوق عرشه، أراد ضربه فهرب، فضرب رفيقه ضربًا بشعًا.
وعن أصحاب أبي حنيفة في هذا الباب ما لا يحصى.
ونقل أيضًا عن مالك: أنه نص على استتابة الدعاة إلى [مذهب جهم]، ونهى عن الصلاة خلفهم.
ومن أصحابه محمد بن عبد اللّه بن أبي زمنين الإمام المشهور قال: في الكتاب الذي صنفه في [أصول السنة]:
باب الإيمان بالعرش
قال: ومن قول أهل السنة: أن اللّه خلق العرش وخصه بالعلو والارتفاع فوق جميع ما خلق، ثم استوى عليه كيف شاء، كما أخبر عن نفسه في قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]، إلى أن قال: فسبحان من بَعُدَ فلا يُرى، وقَرُبَ بعلمه وقدرته.
وأما أحمد بن حنبل وأصحابه فهم أشهر في هذا الباب، وبه ائتم أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري المتكلم صاحب الطريقة المنسوبة إليه قال:
فصل في إبانة قول أهل الحق والسنة
فإن قال قائل: قد أنكرتم قول المعتزلة، والقدرية، والجهمية، والحرورية والرافضة، والمرجئة، فعرفونا قولكم الذي تقولون، وديانتكم التي بها تدينون.
قيل له: قولنا الذي نقول به وديانتنا التي بها ندين اللّه: التمسك بكتاب ربنا، وسنة نبينا محمد، وما روى عن الصحابة والتابعين، وأئمة الحديث.
ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول أبو عبد اللّه أحمد بن حنبل نضر اللّه وجهه، ورفع درجته، وأجزل مثوبته قائلون، ولما خالف قوله مخالفون؛ لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان اللّه به الحق عند ظهور الضلال، وأوضح به المنهاج، وقَمَع به بدع المبتدعين، وزيغ الزائغين، وشك الشاكين، فرحمة اللّه عليه من إمام مُقَدَّم، وجليل معظم، وكبير مفهم.
وجملة قولنا: بأنا نقر باللّه، وملائكته، وكتبه، ورسله، وبما جاؤوا به من عند اللّه وبما رواه الثقات عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، لا نرد من ذلك شيئًا، وأن اللّه واحد لا إله إلا هو، فرد صمد، لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا، وأن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق، وأن الجنة حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن اللّه يبعث من في القبور، وأن اللّه مستو على عرشه كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]، ونعود فيما اختلفنا فيه إلى كتاب ربنا وسنة نبينا وإجماع المسلمين.
إلى أن قال: باب ذكر الاستواء على العرش إلى أن قال: فإن قال قائل: فما تقولون في الاستواء؟ قيل له: إن اللّه مستو على عرشه كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - المجلد الخامس (العقيدة)
- التصنيف: