نذر اللجاج والطاعة

منذ 2016-08-31
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

رجل نذر إن فعل معصية أن يتصدق بمبلغ كبير لا يملكه، وأن يقرأ جزءًا من القرآن كل يوم، وأن يذكر الله أكثر من ألف مرة يوميًّا، هل هذا يعتبر نذر اللجاج، وعليه الكفارة؟ أم أنه يجب عليه الوفاء بما نذر؟

علمًا أنه لم يُقدِم على هذا إلا ليمنع نفسه من ارتكاب هذه المعصية مرة أخرى. وبعده ببضع دقائق قال: لله عليَّ قيام الليل كل يوم، وذلك ابتداءً من يوم غد، ولم يقدر على الالتزام به، هل هذا يعتبر نذرًا؟ أم لا؟

أفيدونا؛ بارك الله فيكم، وجزاكم عنا الفردوس الأعلى،،

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فالأصل في النذر أن يقصد به البر والتقرب إلى الله، وما فعله هذا الرجل ليس القصد منه البر، وإنما القصد منع النفس من الفعل، وهذا ما يسمى بنذر اللجاج أو الغضب، وهو صورته صورة نذر، ومعناه معنى اليمين؛ للحث على فعل شيء، أو المنع منه غير قاصد صاحبه للنذر، ولا للقربة.

قال النووي: "نذر اللِّجاج والغضب: وهو أن يمنع نفسه من فعل، أو يحثها عليه بتعليق التزام قربة بالفعل أو بالترك، ويقال فيه: يمين اللِّجاج والغضب، ويقال له - أيضًا -: يمين الغَلَق، ويقال - أيضًا -: نذر الغَلَق - بفتح الغين المعجمة واللام - فإذا قال: إن كلمت فلانًا، أو إن دخلت الدار، أو إن لم أخرج من البلد، فلله عليَّ صوم شهر، أو حج أو عتق أو صلاة، ونحو ذلك، ثم كلمه، أو دخل، أو لم يخرج، ففيما يلزمه خمسة طرق: جمعها الرافعي قال: أشهرها على ثلاثة أقوال:

أحدها: يلزمه الوفاء بما التزم.

والثاني: يلزمه كفارة يمين.

والثالث: يتخير بينهما.

إلى أن قال: قلت: والأصح: التخيير بين ما التزم، وكفارة اليمين؛ كما رجحه المصنف، وسائر العراقيين". اهـ. من "المجموع".

وعليه؛ فالراجح أن نذر اللجاج حكمه حكم اليمين.

فإذا لم يوف صاحبه بنذره، لزمته كفارة يمين، ولكن الواجب عليه أن يتقي الله ويوفي بما عاهد عليه ربه من ترك المعصية، فإن الذنوب ما تزال بالعبد حتى تلقيه في جهنم.

أما الصيغة الثانية من النذر: وهو قوله: لله علي قيام الليل كل يوم، فهذا نذر طاعة وتَبَرُّر، ويجب الوفاء به؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم – «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه»؛ رواه البخاري، إلا أن يعجز الإنسان عن الوفاء به مطلقًا، فيكفر كفارة يمين؛ لحديث: «ومن نذر نذرًا لا يطيقه، فكفارته كفارة يمين»؛ رواه أبو داود من حديث ابن عباس.

قال ابن قدامة - في "المغني" (22 / 393) -:

"من نذر طاعة لا يطيقها، أو كان قادرًا عليها، فعجز عنها، فعليه كفارة يمين".

وقال - رحمه الله -:

"وجملته أن النذر سبعة أقسام؛ أحدها: نذر اللجاج والغضب، وهو الذي يخرجه مخرج اليمين، للحث على فعل شيء أو المنع منه، غير قاصد به للنذر، ولا القربة، فهذا حكمه حكم اليمين...

والقسم الثاني: نذر طاعة وتبرر... فهذا يلزم الوفاء به... وهو ثلاثة أنواع... النوع الثاني: التزام طاعة من غير شرط، كقوله - ابتداءً -: لله عليَّ صوم شهر، فيلزمه الوفاء به في قول أكثر أهل العلم". اهـ باختصار يسير.

وننبه السائل الكريم إلى الحذر من الإقدام على النذر؛ لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من النهي عنه؛ ولما قد يترتب عليه من الحرج؛ فقد روى أحمد ومسلم عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن النذر، وقال: «إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل»،،

والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 0
  • 0
  • 29,311

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً