ما حكم الدعاء عند شرب ماء زمزم؟

منذ 2018-06-05

ما حكم الدعاء عند شرب ماء زمزم؟

السؤال:

حكم الدعاء عند شرب ماء زمزم

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ

فإن المتأمل للنصوص التي وردت في ماء زمزم عمومًا، لا يتردد في معرفة أنها ماء مبارك، وأنها لما شربت له، وقد ورد في خصوص الدعاء حديث يتقوى بمجموع طرقه، وإن كانت كل طرق بمفردها لا تسلم من مقال، غير أنها تدل على أن له أصل، فهو حسن لغيره لا لذاته، كما يفهم من كلام الإمام ابن القيم؛ حيث قال في "زاد المعاد"(4/361): "الحديث حسن، وقد صححه بعضهم، وجعله بعضهم موضوعًا، وكلا القولين فيه مجازفة.

 وقد جربت أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أمورًا عجيبة، واستشفيت به من عدة أمراض، فبرأت بإذن الله". اهـ.

وحسنه الحافظ المنذري في كلامه على أحاديث المهذب، وصححه أيضًا الحاكم، وحسنه بطرقه ابن الهمام في شرح فتح القدير، والعجلوني في كشف الخفاء، والألباني في إرواء العليل، وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية، والزركشي في التذكرة في الأحاديث المشتهرة.

ونقل السيوطي كلام الحافظ ابن حجر على الحديث في "الحاوي للفتاوي"(1/421) ثم قال: "فضعفه جماعة، وصححه آخرون، منهم الحافظ المنذري في الترغيب، والحافظ الدمياطي، قال ابن حجر: والصواب أنه حسن لشواهده، وله شواهد أخر مرفوعة وموقوفة تركتها خشية الإطالة، ولما نظر المنذري والدمياطي إلى كثرة شواهده مع جودة طريق أبي الزبير عن جابر حكما له بالصحة". اهـ. مختصرًا.

وصححه من القدماء ابن عيينة، كما في "تاريخ دمشق"(45/ 308):

"قال سمعت ابن المقرئ يقول: كنا عند ابن عيينة، فجاءه رجل فقال: يا أبا محمد، ألستم تزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ماء زمزم لما شرب له»، قال: نعم، قال فإني قد شربته؛ لتحدثني بمائتي حديث، قال: اقعد، فحدثه بها، قال وسمعت ابن عيينة يقول: قال عمر بن الخطاب: "اللهم إني أشربه لظمأ يوم القيامة". اهـ.

هذا؛ ومن يطالع كتب التراجم والتخريج، يجزم بأن كثيرًا من السلف الصالح عملوا بهذا الحديث، فشربوه لمطالب لهم جليلة فنالوها، ففي "سير أعلام النبلاء" (14/ 370) عند ترجمة ابن خزيمة، قيل له من أين أوتيت العلم؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ماء زمزم لما شرب له»، وإني لما شربت سألت الله علما نافعا".

. ولما حج الخطيب البغدادي شرب من ماء زمزم ثلاث شربات، وسأل الله ثلاث حاجات؛ آخذا بالحديث: «ماء زمزم لما شرب له»، فالحاجة الأولى أن يحدث بتاريخ بغداد في بغداد، الثانية أن يملي الحديث بجامع المنصور، الثالثة أن يدفن عند بشر الحافي، فقضى الله له ذلك.

وقال الشوكاني في "نيل الأوطار"(5/105): " فيه دليل على أن ماء زمزم ينفع الشارب لأي أمر شربه لأجله، سواء كان من أمور الدنيا أو الآخرة؛ لأن (ما) في قوله: (لما شرب له) من صيغ العموم" .

وقال المناوي في "فيض القدير"(5/404): من شربه بإخلاص وجد ذلك الغوث، وقد شربه جمع من العلماء لمطالب فنالوها. قال الحكيم: هذا جار للعباد على مقاصدهم وصدقهم في تلك المقاصد والنيات؛ لأن الموحد إذا رابه أمر فشأنه الفزع إلى ربه، فإذا فزع إليه استغاث به وجد غياثا، وإنما يناله العبد على قدر نيته، قال سفيان الثوري: إنما كانت الرقى والدعاء بالنية؛ لأن النية تبلغ بالعبد".

 هذا؛ والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 4
  • 0
  • 45,819

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً