هل يحكم بالكفر على لاعبي الدوري الأوروبي؟
وإني مرة أطلقت على لاعب انه كافر لمجرد انه الماني و لأن معظمهم كفار و لكن تبين لي انه مسلم. فهل يجب ان اتحرى اذا كان اللاعبون ديانتهم الاسلام ام لا ؟ أم هل يكفي ان اقول أنه إذا كان غير مسلم فهو كافر و في النار ، و إذا كان مسلم فهو في الجنة إن شاء الله ، و اترك ماهية دينه إلى الله ؟
اشاهد بعض مباريات الكرة في أوروبا ، و لاعبون كرة القدم هناك لا يظهر لهم أي نشاطات دينية سوى الاحتفال بال كريسمس و الذي يحتفل به معظم الناس حتى بعض المسلمين للأسف. الآن انا ليس لدي دليل قاطع يوجب ان هؤلاء اللاعبين كفار ، أنا أخاف ان اطلق على لاعب انه كافر بالظن و يكون في الواقع مسلم و يخفي اسلامه. و إني مرة أطلقت على لاعب انه كافر لمجرد انه الماني و لأن معظمهم كفار و لكن تبين لي انه مسلم. فهل يجب ان اتحرى اذا كان اللاعبون ديانتهم الاسلام ام لا ؟ أم هل يكفي ان اقول أنه إذا كان غير مسلم فهو كافر و في النار ، و إذا كان مسلم فهو في الجنة إن شاء الله ، و اترك ماهية دينه إلى الله ؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد دل القرآن والسنة والإجماع على كفر من دان بغير الإسلام، سواء كان يهوديًا أو نصرانيًا، أو الوثنيين وغيرهم على اختلاف مللهم وشرائعهم، قال الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85].
وقال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسُ محمد بيده، لا يسمعُ بي أحد من هذه الأمَّةِ -يهودِيّ ولا نصرانيّ- ثم يموت ولم يُؤمِنْ بالذي أُرْسِلْتُ به ، إلا كان من أصحابِ النَّار»؛ رواه مسلم.
بل قد أجمع العلماء على كفر من لم يكفِّر المقطوع بكفره؛ قال القاضي عياض في "الشفا"(2/ 610):
"وقع الإجماع على تكفير كل من دافع نص الكتاب، أو خص حديثًا مجمعًا على نقله مقطوعًا به، مجمعًا على حمله على ظاهره، كتكفير الخوارج بإبطال الرجم.
ولهذا نكفر من لم يكفر من دان بغير ملة المسلمين من الملل، أو وقف فيهم، أو شك، أو صحح مذهبهم، وإن أظهر مع ذلك الإسلام واعتقده واعتقد إبطال كل مذهب سواه؛ فهو كافر بإظهاره ما أظهر من خلاف ذلك". اهـ.
وقال النووي في "روضة الطالبين": "مَنْ لَمْ يُكَفِّرْ مَنْ دَانَ بِغَيْرِ الْإِسْلَامِ كَالنَّصَارَى، أَوْ شَكَّ فِي تَكْفِيرِهِمْ، أَوْ صَحَّحَ مَذْهَبَهُمْ، فَهُوَ كَافِرٌ، وَإِنْ أَظْهَرَ مَعَ ذَلِكَ الْإِسْلَامَ وَاعْتَقَدَهُ". اهـ.
إذا تقرر هذا؛ فإن الغالب على من يعيشون في أوروبا هو الكفر، فليس من الورع ولا الدين التوقف في تكفيرهم، وكون بعض اللاعبين في فرق كرة القدم من المسلمين، لا يمنع من ذلك؛ لأنه نادر ولا حكم لنادر.
وننبه السائل الكريم إلى الحذر - وهو يتابع تلك المباريات - من حب الكفار؛ فيخشى أن يكون سبب السؤال حب اللاعبين؛ وقد قال الله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22].
فإن نفس الإيمان ينافي موادته، كما ينفي أحد الضدين الآخر. فإذا وجد الإيمان انتفى ضده، وهو موالاة أعداء الله، فإذا كان الرجل يوالي أعداء الله بقلبه، كان ذلك دليلاً على أن قلبه ليس فيه الإيمان الواجب؛ قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب "الإيمان" (ص: 17).
هذا؛ والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: