هجر الأخت التي ترتكب الفواحش
لي اخت اعزكم الله ترتكب الفواحش وانا اعلم عنها ذلك ولا تترك لي مجال لنصيحتها ابدا هل يجوز لي قطعها مع العلم ان كل من يحاول التقرب او السوال عنها من اخواتها واخوانها تقول انه يريد منها شئ وتتعالى عنه، افيدوني هل أخطأت وفتحت هذا الموضوع
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإن كنت متأكدًا مما ذكرته عن أختك، فلا شك أن ما تفعله أقبح الكبائر، فلا حرج حينئذ من هجرها لأن هجر العصاة المصرين على المعصية المداومين عليها من شعب الإيمان، إن كان لا يترتب على هجرها ضرر أكبر، ويغلب على ظنك عدم استجابتها للنصح، أو غلب على ظنك أن هجره أنفع من وصلها، وَرُبَّ هجرٍ جميلٍ خيرٌ من مخالطة مؤذية.
وحاصل كلام أهل العلم في تلك المسألة الكبيرة: أن الرحم الذي لا تُجْدِي معه النصيحة، ولم تَجِدْ فيه وميض خير، وَيُرَجَى أن يؤثر فيه الهجر، فإنه يُهجَر؛ لأن في الهجر تعزيرًا له وردعًا له؛ لعله يتوب، ولا يُعَدُّ من قطيعاة الرحم، إذا كان بهذه النية، ولا يُصَارُ إليه، إلا إذا تحقق أو غلب على ظنك أن هجره أنفع من وصله، فإن ترتب على الهجر محذورٌ، أو مفسدة أكبر: كأن يُخشى أن يزيدَ في المعصية، أو أن يزداد شرًّا بهجره، فإنه لا يجوز هجره، وفي هذه الحالة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (28/ 206):
"وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في قوتهم وضعفهم وقلتهم وكثرتهم، فإن المقصود به زجر المهجور وتأديبه ورجوع العامة عن مثل حاله، فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفيته كان مشروعا، وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك بل يزيد الشر، والهاجر ضعيف بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته - لم يشرع الهجر؛ بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر، والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألف قومًا ويهجر آخرين، كما أن الثلاثة الذين خلفوا كانوا خيرًا من أكثر المؤلفة قلوبهم، لما كان أولئك كانوا سادة مطاعين في عشائرهم فكانت المصلحة الدينية في تأليف قلوبهم، وهؤلاء كانوا مؤمنين، والمؤمنون سواهم كثير؛ فكان في هجرهم عز الدين، وتطهيرهم من ذنوبهم". اهـ.
هذا؛ والله أعلم.
- المصدر: