قضاء الصلوات
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فالراجح من قولي أهل العلم هو عدم وجوب قضاء ما فات من الصلاة؛ لأن الإسلام يَجُبُّ ما قبله؛ لأن تارك الصلاة كافر على الراجح، والكافر إذا أسلم، لا يلزمه أن يقضي ما تركه من العبادات حال كفره .
وإنما الواجب هو الإكثار من فعل الخيرات عمومًا، والحفاظ على صلاة النوافل، فالإسلام يجبُّ ما قبله؛ لأنه بمثابة داخل جديد في الإسلام.
وهذا القول هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وأبو محمد بن حزم، وبعض أصحاب الشافعي، فنصوا على أن الصلاة المتروكة عمدًا لا يجب قضاؤها، ولا تصح لمن صلاها؛ لأنها صُلِّيَت في غير وقتها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"(5 / 71)."فأما المرتد، فلا يجب عليه قضاء ما تركه في الردة، من صلاة وزكاة وصيام - في المشهور - ولزمه ما تركه قبل الردة - في المشهور".
وقال المرداوي في "الإنصاف": "وإن كان مرتدًا، فالصحيح من المذهب: أنه يقضي ما تركه قبل ردته، ولا يقضي ما فاته زمن ردته...
وقال أيضًا: "والصحيح: عدم وجوب العبادة عليه في حال الردة، وعدم إلزامه بقضائها بعد عوده إلى الإسلام". اهـ.
وقال أبو محمد بن حزم - في "المحلى" -: "من تعمد ترك الصلاة حتى خرج وقتها، فهذا لا يقدر على قضائها أبدًا، فَلْيُكْثِرْ من فعل الخير، وصلاة التطوع؛ ليُثَقِّل ميزانه يوم القيامة؛ وليَتُبْ وليستغفر الله - عز وجل.
وبرهان صحة قولنا: قول الله – تعالى -: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون:4،5]، وقوله – تعالى -: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم:59]، فلو كان العامد لترك الصلاة مُدرِكًا لها بعد خروج وقتها، لَمَا كان لَهُ الويل، ولا لَقِيَ الغي؛ كما لا ويل، ولا غي؛ لمن أَخَّرَها إلى آخر وقتها الذي يكون مدركًا لها.
وأيضًا فإن الله - تعالى - جعل لكل صلاة فرضٍ وقتًا محدودَ الطرفين، يدخل في حين محدود؛ ويَبطُلُ في وقت محدود، فلا فرق بين من صلاها قبل وقتها، وبين من صلاها بعد وقتها؛ لأن كليهما صلَّى في غير الوقت، وأيضًا فإن القضاء إيجاب شرع، والشرع لا يجوز لغير الله – تعالى - على لسان رسوله". اهـ.
وعليه؛ فلا يجب قضاء الصلاة الفائتة، ولكن تكثر من الأعمال الصالحة،، والله أعلم.
- المصدر: