تخفيف اللحية بسبب التضييق الأمني

منذ 2019-02-24
السؤال:

السلام عليكم, موضوع الفتوى يتعلق بتخفيف اللحية و لكن الظروف الملازمة معقدة قليلا , أنا طالب جامعي مغربي أصبحت ملتزما منذ سنة و من مواضيع الاختلاف مع أسرتي حرمة تخفيف اللحية فهم يرون التحريم في الحلق فقط أما الطول فوق قبضة اليد مجرد سنة حسب قول الإمام المالك حيث أجاز تخفيف اللحية دون تحديد حد أقصى و حرم الحلق فقط و يبررون قولهم باختلاف الأئمة حول الموضوع و أن في الأمر فسحة من الدين , لكنهم لا يرون عيبا في إطالتها لكن حجتهم الأساس هو وجود خطر محدق بكل من يظهر السمت الإسلامي حيث أن والدي أصلا كان يطيل لحيته سابقا لكن كما قال تعرض لمضايقات عديدة في عمله و حياته الشخصية كادت تصل لتلفيق تهم حسب قوله فاضطر أن يخفي السمت بما يدفع الضرر كما يؤكد على قوله بحالات اعتقال رجال و نساء متدينين أبرياء فقط بسبب سمتهم الإسلامي و تعرضهم للتنكيل و الإهانة في السجون , كما أحيطكم علما أنه في بلدي يتعرض الملتحون خاصة للتضييق حتى في التسجيل في المدارس, الوثائق الإدارية و غيرها من الأمور و يرى والدي أن هذا ليس شكا بل خطرا محتملا جدا نظرا لأنه قد سبق أن تعرض له مسبقا. و منه السؤال هل يجوز في المذهب المالكي تخفيف اللحية أقل من قبضة اليد ؟ و إذا حرم هل يجوز تخفيفها بما يدفع الضرر و الظلم الذي قد يطالني كما طال غيري؟

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلىآله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان إعفاء اللحية يسبب للمرء ضرراً مجحفًا محققًا، كالقتل أو التشريد أو الحبس أو التعذيب، أو غير ذلك، ولم يستطع دفع ذلك الضرر إلا بالتخفيف من لحيته أو حلقها - فإنه يجوز له اللجوء إلى الأخف، وهو التخفيف، فإن لم يزل فبالحلق

فيجوز حينئذ بقدر ما تدفع به الضرورة؛ لأن أوامر العزيز الحكيم الرحيم مبنية على رفع الحرج ودفع الضرر؛ قال تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلاّ وسعها} [ البقرة: 286]، وقال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78]، وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً } [النساء:28]، وقال تعالى : {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة : 173]،  وقال تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ } [الأنعام:119]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم"؛ متفق عليه.

 قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم":

"فلما كان المسلمون في أول الأمر ضعفاء؛ لم يشرع المخالفة لهم، فلما كمل الدين وظهر وعلا شرع ذلك، ومثل ذلك اليوم لو أن المسلم بدار حرب أو دار كفر غير حرب، لم يكن مأموراً بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر؛ لما عليه في ذلك من الضرر؛ بل قد يستحب للرجل أو يجب عليه أن يشاركهم أحياناً في هديهم الظاهر إذا كان في ذلك مصلحة دينية من دعوتهم إلى الدين والاطلاع على باطن أمرهم؛ لإخبار المسلمين بذلك، أو دفع ضررهم عن المسلمين ونحو ذلك من المقاصد الصالحة.

فأما في دار الإسلام والهجرة التي أعز الله فيها دينه، وجعل على الكافرين بها الصغار والجزية؛ ففيها شرعت المخالفة، وإذا ظهرت الموافقة والمخالفة لهم باختلاف الزمان، ظهرت حقيقة الأحاديث.اهـ".

هذا؛ وقد صحت آثار عن بعض الصحابة تدل على جواز الأخذ من اللحية، منهم: ابن عباس، وأبو هريرة، وابن عمر، فعند البخاري: "وكان بن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه".

أما مذهب المالكية ففي "حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني" (2/ 446):
"ويحرم إزالة شعر العنفقة كما يحرم إزالة شعر اللحية وإزالة الشيب مكروهة كما يكره تخفيف اللحية والشارب بالموسى تحسينا وتزيينًا".

هذا؛ والله أعلم.
 

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 5
  • 1
  • 9,891

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً