هل وصية أبي جائزة
اخى الأكبر تزوج وبعد زواجه بعامين طلب من ابي أن يكتب له الدور الأول من البيت وكان من دورين وهو ملك لأبي.. وكنا اخوه صغار في أول العمر ..فقال له ابي لا أكتب لأحد مثلك مثل اخوتك من الأولاد والبنات ..وعلما أن ابي قام المصروف زواجه وباع مزرعة لكى يزوجه.. فخرج وتارك البيت زعلان وأجر بيت بعيد عن امه وابوه واخوته وقطع صله الرحم حتى في المناسبات والأعياد ونحن ندهب اليه في مناسبه ..تأتي لعرس اختك ..تأتي لعرس اخوك ..انا والمرحومه امي رحمه الله عليها كانت من اطيب النساء فى الكرم والطيبة .. من خوف ابي علينا من اخي المادي ..أن يعطينا الميراث لنا وحدنا من الأولاد والبنات وكتب لنا الميراث من بعد موقعنا أكثر من 25سنه ..وكان ابي يبلغ من العمر 85سنه والى الان لا يعرف اخى صله رحم بيننا فحرمه ابي من الميراث حرصا علينا
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فما فهمناه من السؤال يحتمل احتمالين:
الأول أن يكون الوالد أوصى بالميراث لأبنائه دون الأخ الكبير بقصد حرمانه من الميراث، فإن كان الأمر كذلك، فلا يجوز؛ لأنه تحايل على إبطال شرع الله في الميراث الذي هو حقٌّ جعله الله - تعالى - لجميع الورَثَة، ولا يَملك أحدٌ إبطالَه، ولو أوْصى بذلك، لما نفذت وصيَّته؛ لمخالفتها للشَّرع.
قال الله – تعالى -: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً} [النساء: 7].
فإن الله - تعالى - قد أعطى كل ذي حق حقه، فقال - عز وجل -: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء:11]. ثم ذكر - سبحانه - عقب آيات المواريث: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء:13، 14]، وقال - سبحانه -: { تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا } [البقرة: 229].
فالمواريثُ من حدود الله التي يجب الوقوفُ معها وعدمُ مجاوزتها، ولا القصورُ عنها، ولا الاحتيال على إبطال الشرع بحرمان بعض الورثة حقهم، ومن يخالفْ ذلك، توعَّده الله بالعذاب الأليم.
أيضًا فإنالوصية للورثة باطلة للوارث كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه؛ فلا وصية لوارث"؛ رواه أحمد وأبو داود عن أبي أمامة.
والاحتمال الثاني: أن يكون الوالد وهب كل ما يملك لأبنائه ولم يعط شيئًا لابنه الكبير، فإن كان كذلك، فإن أهل العلم قد اختلفوا في حكم تفضيل بعض الأبناء على بعض في العطية، فذهب بعضهم إلى أنه لا يجوز إلا لمسوغ معتبر شرعًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم". رواه أبو داود والنسائي وغيرهما.
ولكن بشرط أن تكون هبة صحيحة، وليست حيلة لحرمان الأخ الأكبر من الميراث.
والذي يظهر أن عقوق هذا الابن وقطيعته، تبيح لوالده تفضيل إخوته في العطية والهبة.
وعليه، فلا بأس بالهبة لأحد الأولاد دون غيره لسبب معتبر، بشرط أن يتم القبض ولا تكون حيلة لإبطال الميراث،، والله أعلم.
- المصدر: