هل أفطر في رمضان لأنني أستخدم أدوية نفسية؟
يجوز لك الفطر في رمضان، فإن تمكنت من القضاء وإلا أطعمت عن كل يوم مسكينًا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. انا أستخدم أدوية نفسية من 15 سنة. وهي تسبب لي جفاف في الحلق وأشعر بالجوع عندما اتناولها حيث اني ربما استيقظ من النوم اكثر من مره لكي آكل وأشرب وأعود للنوم مره أخرى. كنت أفطر في رمضان قبل سنوات ولكن الأهل لاموني لأنني صحيح البنية. وحاليا اذا جاء رمضان أخذت إجازتي السنوية كامله في رمضان لأني لا أستطيع ان أزاول عملي في نهار رمضان لأنني مضطرب وأحتاج بشده للأكل والشرب وأكون بمزاج حاد. ومع ذلك فصيامي الآن هو في فراشي لا أكلم أحد ولا أصلي في المسجد ولا أخرج من الغرفة وأعد الساعات وانا أحاول النوم وأنتظر المغرب. ولو سألتني هل أخاف أن يضرني الصيام أو يأثر على صحتي فالجواب لا ولكني أجد مشقة عظيمه في الصيام بسبب الآثار الجانبية للأدوية النفسية من الشعور المفرط للجوع والعطش علمآ انني أحس بجوع شديد ولم يمضي نصف ساعة على آخر وجبة. علما ان الأدوية التي استخدمها هي لعلاج الوسواس القهري والاكتئاب وهي سيركويل 200 مل و لاميكتال 200 مل و لوسترال 150 مل يوميا. أفتوني جزاكم الله كل خير فأنا في حيرة من أمري أخاف أفطر وأكون تركت ركن من أركان الإسلام.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن كان الحال كما ذكرت أنك تجد مشقة عظيمه في الصيام بسبب الآثار الجانبية للأدوية النفسية، من الشعور المفرط للجوع والعطش، وأنك تشعر بالجوع الشديد يعد نصف ساعة من تناول وجبتك، فيجوز لك الإفطار؛ قال الله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].
فالمريض الذي يَلحقه ضرر بسبب الصيام، أو يزداد مرضه، أو يشق معه الصوم، أو تخشى زيادته، أو تباطؤ برئه بالصوم، فإنه يفطر؛ وتقدير ذلك إلى المريض نفسه، أو إخبار الطبيب.
وقد اتفق أهل العلم على أن الصيام يَسْقُط بالعجز؛ قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} [النساء: 28]، وقال: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة: 6]، وقال سبحانه: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 173]، وقال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195].
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الدين يُسْرٍ، ولن يشادَّ الدين أحد إلا غلبه".
فالتيسير ورَفْع الحرج، مما قامت عليه الشريعةُ الإسلامية، فالمشقة تجلب التيسير، والضرر يُزال، ولم يُكَلِّفْنا الله مِن أمرنا عُسرًا، فيسقط كل ما عجَز المسلم عنه، ولا يجب إلا ما كان في الإمكان؛ قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].
قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (3/ 155)-: "أجْمَع أهلُ العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة، والأصل فيه قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]، والمرضُ المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم، أو يخشى تباطؤ بُرئه.
قيل لأحمد متى يفطر المريض؟ قال: إذا لم يستطع، قيل: مثل الحمى؟ قال وأي مرض أشد من الحمى".اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (6/ 258):
"المريض العاجز عن الصوم لمرض يرجى زواله، لا يلزمه الصوم في الحال، ويلزمه القضاء، هذا إذا لحقه مشقة ظاهرة بالصوم، ولا يشترط أن ينتهي إلى حالة لا يمكنه فيها الصوم، بل قال أصحابنا: شرط إباحة الفطر، أن يلحقه بالصوم مشقة يشق احتمالها، قال أصحابنا: وأما المرض اليسير الذي لا يلحق به مشقة ظاهرة، لم يجز له الفطر بلا خلاف عندنا". اهـ. مختصرًا.
إذا تقرر هذا، فيجوز لك الفطر في رمضان، فإن تمكنت من القضاء وإلا أطعمت عن كل يوم مسكينًا،، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: