هل يقع الطلاق في الزواج الباطل
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإن الراجح من قولي أهل العلم هو وقوع الطلاق في النكاح الفاسد؛ لأن الغالب على أحوال من يتجرأ على الأنكحة الفاسدة أنه لا يسأل عند ابتداء الزواج، وإنما يسأل عن صحة الزواج وصفة العقد إذا طلق ثلاثًا، رغبة في أن يستحل محارم الله قبل الطلاق وبعده.
وقد نصر هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى: (32/ 97) فقال:
"لا يحل للزوج أن يتزوجها إذا طلقها ثلاثا عند جمهور العلماء فإن مذهب أبي حنيفة وأحمد في المشهور عنه: أن نكاح هذه صحيح وإن كان قبل البلوغ. ومذهب مالك وأحمد في المشهور أن الطلاق يقع في النكاح الفاسد المختلف فيه. ومثل هذه المسائل يقبح فإنه من أهل البغي فإنهم لا يتكلمون في صحة النكاح حين كان يطؤها ويستمتع بها حتى إذا طلقت ثلاثا أخذوا يسعون فيما يبطل النكاح حتى لا يقال: إن الطلاق وقع وهذا من المضادة لله في أمره فإنه حين كان الوطء حراما لم يتحر ولم يسأل فلما حرمه الله أخذ يسأل عما يباح به الوطء ومثل هذا يقع في المحرم بإجماع المسلمين وهو فاسق؛ لأن مثل هذه المرأة إما أن يكون نكاحها الأول صحيحا. وإما ألا يكون. فإن كان صحيحا: فالطلاق الثلاث واقع والوطء قبل نكاح زوج غيره حرام. وإن كان النكاح الأول باطلا: كان الوطء فيه حراما وهذا الزوج لم يتب من ذلك الوطء. وإنما سأل حين طلق؛ لئلا يقع به الطلاق فكان سؤالهم عما به يحرم الوطء الأول لأجل استحلال الوطء الثاني. وهذه المضادة لله ورسوله. والسعي في الأرض بالفساد فإن كان هذا الرجل طلقها ثلاثا فليتق الله وليجتنبها؛ وليحفظ حدود الله؛ فإن من يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه".
وقال أيضًا (35/ 292):
"قد ذهب كثير من أهل العلم أو أكثرهم إلى أنه يقع في الفاسد في الجملة وأما عند الوطء والاستمتاع الذي أجمع المسلمون على أنه لا يباح في النكاح الفاسد فلا ينظرون في ذلك ولا ينظرون في ذلك أيضا عند الميراث وغيره من أحكام النكاح الصحيح؛ بل عند وقوع الطلاق خاصة، وهذا نوع من اتخاذ آيات الله هزوًا، ومن المكر في آيات الله؛ إنما أوجبه الحلف بالطلاق والضرورة إلى عدم وقوعه".
هذا؛ والله أعلم.
- المصدر: