االاقرار بطلاق لم يقع
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ
فإن إخبار الزوج عن طلاق زوجته لا يُعد طلاقًا، إذا لَم يكنْ طلَّق بالفعل، أو لَم يقصد بالإخبار إنشاء الطلاق - كما هو الظاهر - فيكون إخبارًا عن شيء لَم يقع، وهو محض كذِب، ولا يترتَّب عليه طلاق.
وهو مذْهب الحنفيَّة والشافعية وغيرهم؛ حيث نصُّوا على أنَّ مَن أقرَّ بالطلاق كاذبًا، وقام دليلٌ أو قرينة على كذب المُقِرِّ بالطلاق في إقراره - كان الإقرار باطلاً، ولا أثر له ديانة؛ أي: فيما بينه وبين الله تعالى، فتبقى زوجته في الباطن، ويقع الطلاق قضاء.
قال في البحر الرائق: "ولو أقر بالطلاق وهو كاذب، وقع في القضاء".
وفي "تنقيح الفتاوى الحامدية":
"في رجل سُئل عن زوجته، فقال: أنا طلقتُها وعدَّيْت عنها، والحال أنه لَم يطلِّقها، بل أخبر كاذبًا، فما الحكم؟
الجواب: لا يُصدَّق قضاءً، ويدين فيما بينه وبين الله تعالى.
وفي العلائي عن "شرح نظم الوهبانيَّة": "إن قال: أنتِ طالقٌ، أو: أنتَ حرٌّ، وعنى به الإخبار كذبًا، وقع قضاءً، إلا إذا أشْهد على ذلك. ا هـ.
وفي "البحر": الإقرارُ بالطلاق كاذبًا يقع قضاء لا ديانة. اهـ.
وبِمِثْلِه أفتى الشيخُ إسماعيل، والعلامة الخَيْر الرَّمْلي".
وجاء في "أسنى المطالب شرح روض الطالب":
وإن أقرَّ بالطلاق كاذبًا، لَم تطلق زوجتُه باطنًا، وإِنَّما تطلق ظاهرًا.
وجاء في "تحفة المحتاج في شرح المنهاج":
ولو قيل له استخبارًا: أطلقتَها؟ - أي: زوجتك - فقال: نعم، أو مرادفها، فإقرار به (الطلاق)؛ لأنه صريح إقرارٍ، فإن كذب، فهي زوجته باطنًا.
وذهب الحنابلة إلى وُقُوع الطلاق ديانة وقضاء، كما في "الفروع" لابن مفلح:
قال: وإن سئل: أطلقتَ زوجتك؟ قال: نعم، أو: لك امرأة؟ قال: قد طلقتُها - يريد الكذب - وقع.
والذي يظهر: أن الراجح - إن شاء الله تعالى - هو مذهب الشافعية والحنفية؛ لأن الإقرار أو الإخبار لا يقوم مقام الإنشاء؛ حيث إنه محتمل للصدق والكذب، فيؤاخذ به صاحبه ظاهرًا، أما بينه وبين الله، فإن كان المخبر عنه كذبًا، فلا يصيِّره الإخبار صدقًا؛ فلا يقع طلاقه باطنًا.
وعليه؛ فإن كان الحال كما ذكرتِ: أن زوجك أخبرك أنه طلقك طلقتين وهو كاذب؛ حتى تنتهي عن الشجار، وأنه لَم يقصد بذلك إنشاء الطلاق، وإنما قصد إخاتك فقط- فلا يقع الطلاق مطلقًا، وهو أصحُّ القولَيْن لأهل العلم،، والله أعلم.
- المصدر: