قاعات التعزية
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقد كره جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة الجلوس للتعزية، بأن يجتمع أهل الميت في مكان ليأتي إليهم الناس للتعزية؛ لأنه محدث وهو بدعة، وعن جريرِ بْنِ عبدالله البَجَلِيِّ - رضي الله عنه - قال: "كُنَّا نعدُّ الاجْتِماعَ إلى أهل المَيِّت وصنعة الطعام من النِّياحة"؛ رواه أحْمد وابْنُ ماجه، وصحَّحه النَّوويُّ.
وفي "مصنَّف ابن أبي شيبة": "أنَّ جريرًا قدِم على عُمَر، فقال: هل يُناح قِبَلَكم على الميِّت؟ قال: لا، قال: فهل تجتمِعُ النِّساء عندكم ويطعم الطعام؟ قال: نعم، فقال: تِلْكَ النِّياحة".
قال ابن قدامة في "المغني" (2/ 406):
"قال أبو الخطاب: يكره الجلوس للتعزية، وقال ابن عقيل: يكره الاجتماع بعد خروج الروح؛ لأن فيه تهييجًا للحزن، وقال أحمد: أكره التعزية عند القبر، إلا لمن لم يعز، فيعزي إذا دفن الميت، أو قبل أن يدفن، وقال: إن شئت أخذت بيد الرجل في التعزية، وإن شئت لم تأخذ".
وقال النووي في "المجموع"(5/ 306):
"(وأما) الجلوس للتعزية فنص الشافعي والمصنف وسائر الأصحاب على كراهته، ونقله الشيخ أبو حامد في التعليق، وآخرون عن نص الشافعي قالوا يعني بالجلوس لها أن يجتمع أهل الميت في بيت فيقصدهم من أراد التعزية، قالوا بل ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم فمن صادفهم عزاهم، ولا فرق بين الرجال والنساء في كراهة الجلوس لها، صرح به المحالي ونقله عن نص الشافعي رحمه الله، وهو موجود في الأم، قال الشافعي في الأم: وأكره الماتم وهي الجماعة، وإن لم يكن لهم بكاء فإن ذلك يجدد الحزن، ويكلف المؤنة مع ما مضى فيه من الأثر، واستدل له المصنف وغيره بدليل آخر وهو أنه محدث".
قال الإمام الشيرازي - الشافعي - في "المهذَّب": "ويُكرَهُ الجلوس للتَّعزية؛ لأنَّ ذلك مُحدث، والمُحدَث بِدعة" انتهى.
وقال ابْنُ الهمام - الحنفي - في "فتح القدير": "ويُكرَهُ اتِّخاذُ الضِّيافة من الطعام من أهل الميِّت؛ لأنَّه شُرِعَ في السُّرور لا في الشُّرور، وهي بِدْعَةٌ مُستَقْبحة" انتهى.
وعليه فلا يجوز إقامة دار للتعذية،، والله أعلم.
- المصدر: