العادة السرية وحكمها

منذ 2019-05-09
السؤال: السلام عليكم ورحمة وبركاته ما حكم من فعل العادة السرية في ليلة احد ايام رمضان؟؟ وهل ينال اجر و ثواب صيام شهر رمضان كاملا ام لا ينال الاجر والثواب كاملا كونه فعل العادة السرية في ليلة احد ايام رمضان؟؟
الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فالعادة السرية محرمة بالكتاب والسنة والنظر الصحيح؛ فأما الكتاب: فقال الله - تعالى -: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 5، 7]، والاستمناء من الاعتداء المذكور في الآية؛ فهو داخل فيما وراء ذلك.

وأما السنة: فعن عبد الله بن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء"؛ متفق عليه.

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرشد الشباب إلى الاستمناء، وإنما أرشدهم  إلى الزواج عند القدرة عليه، ثم إلى الصوم عند عدم الاستطاعة.

وأما النظر الصحيح: فإنه يقض بحرمة الاستمناء لما يترتب عليه مضار صحية كثيرة، ذكرها أهل الطب.

إذا تقرر هذا فالعادة السرية محرمة على العموم ولا شك أنها في ليل رمضان أشد حرمة؛ لأنه وقت للطاعة وصلاة التراويح والذكر وغيرها، فيجب عليك التوبة الندم والاستغفار والعزم على عدم العودة؛ قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } [التحريم: 8]

وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية معنى التوبة النصوح فقال في "مجموع الفتاوى" (16/ 58):

"فالتوبة النصوح هي الخالصة من كل غش، وإذا كانت كذلك كائنة فإن العبد إنما يعود إلى الذنب لبقايا في نفسه، فمن خرج من قلبه الشبهة والشهوة لم يعد إلى الذنب، فهذه التوبة النصوح وهي واجبة بما أمر الله تعالى، ولو تاب العبد ثم عاد إلى الذنب قَبِلَ الله توبته الأولى، ثم إذا عاد استحق العقوبة، فإن تاب تاب الله عليه أيضا.

 ولا يجوز للمسلم إذا تاب ثم عاد أن يصر، بل يتوب ولو عاد في اليوم مائة مرة؛ فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله يحب العبد المفتن التواب"، وفي حديث آخر: "لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار"، وفي حديث آخر: "ما أصر من استغفر ولو عاد في اليوم مائة مرة". اهـ.

هذا؛ ومن أفضل ما يعين على ترك تلك العادة النظر في عاقبة المعصية؛ فهو من أنفع الأشياء المعينة على ترك المعصية عمومًا؛ كما بينه الإمام ابن الجوزي في "صيد الخاطر "إنما فضل العقل بتأمل العواقب؛ فأما القليل العقل؛ فإنه يرى الحال الحاضرة، ولا ينظر إلى عاقبتها، فإن اللص يرى أخذ المال، وينسى قطع اليد! والبطال يرى لذة الراحة، وينسى ما تجني من فوات العلم وكسب المال، فإذا كبر فسُئل عن علم؛ لم يدر، وإذا احتاج، سأل؛ فذل، فقد أربى ما حصل له من التأسف على لذة البطالة، ثم يفوته ثواب الآخرة بترك العمل في الدنيا، وكذلك شارب الخمر، يلتذ تلك الساعة، وينسى ما يجني من الآفات في الدنيا والآخرة! وكذلك الزنا؛ فإن الإنسان يرى قضاء الشهوة، وينسى ما يجني من فضيحة الدنيا والحد".

أما الصيام فهو صحيح؛ لأن العادة تفسد الصيام لو كانت في نهار رمضان،، والله أعلم.  

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 32
  • 18
  • 53,119

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً