سداد الدين عن المتوفي
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإن قضاء دين المتوفى يكون واجبًا إن ترك مالاً للقضاء، وأما إن لم يترك ما يكفي لقضاء دينه، فلا يجب على الأحياء سداد دينه، وإنما هو من باب البر به، والإحسان إليه بعد موته، وهو مُثَابٌ ومأجورٌ على ذلك؛ لما يترتب عليه من التخفيف عن الميت؛ فقد ثَبَتَ أن روح الميت تظل معلقةً حتى يُقْضَى عنه دينه؛ كما رواه الترمذي وحسنه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نفسُ المؤمنِ معلقةٌ بِدَينِهِ حتى يُقْضَى عنه".
وروى الإمام أحمد في المسند عن جابر قال: توفي رجل فغسلناه وحنَّطناه وكفنَّاه، ثم أتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا تُصلِّي عليه فخَطَا خطوة ثم قال: "أعليه دين؟" قلنا: دينَارَانِ، فانصرف. فقال أبو قتادة: الدِّينَارَانِ عليَّ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد أوفى الله حقَّ الغَريم، وَبَرِئَ منهما الميت؟" قال: نعم، فصلَّى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم: "ما فَعَلَ الدِّينَارَانِ؟" فقال: إنما مات أمس، قال: فعاد إليه في الغد، فقال: لقد قضيتهما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الآن بردت عليه جلدته"؛ رواه أحمد وأبو داود .
هذا إن كان الميت قد ترك مالًا، وَأَمَّا من لا مال له، فَيُرجى أن لا يتناوله هذا الحديث؛ لقول الله – تعالى -: {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، وخاصة إذا كان استدان بنية القضاء، والعزم عليه، ولم يفرط حتى مات؛ فقد أخرج البخاري - في "صحيحه" - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها، أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها، أتلفه الله".
وعليه؛ فإن أردتم التطوع بدفع تلك الأموال ووضعها في مصالح المسلمين، فلا بأس بهذا،، والله أعلم.
- المصدر: