ظلم البنات في الميراث
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أود أن اطرح سؤال واعذروني للاطالة مات رجل عن ٣ اولاد وبنتان وقبل موته اجتمع مع أبنائه الثلاثة وبنت واحدة واتفقو علي تقسيم التركة بطريقة معينة تحفظ حق الأبناء في البيت علي ان ياخذ البنات نصيبهم في البيت اموالا وأما الأرض فتقسم بالتراضي(وهذا هو العرف السائد بالبلدة ولكن بالتراضي بين الأخوة) وبعد موت ابيهم رفضت البنت الاخري هذا الاتفاق ولم يعط الأبناء المبلغ المتفق عليه للبنت الاولي الا بعد مرور ٦ سنين من موت الوالد ومر علي موت الوالد الي الان ما يقرب من ١٣ عام ولم يتم التقسيم وتوفيت البنت الثانية من عام تقريبا وتشعر البنت الاولي انها شريكة ان كانت ظلمت اختها ويصر الأبناء علي التقسيم كما اتفقو مع ابيهم وبسعر تاريخ موت ابيهم فما هو حكم الشرع في ذلك
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فالذي يظهر أن تقسيم تلك التركة للأبناء كان ووالدهم في زمن صحته، فهي حينئذ هبة محرمة؛ لأن الصَّحيح وجوبُ العدْل بين الأبْناء في العطيَّة، ولا يَجوز تفْضيل بعض الأبناء دون بعضهم، كما كان يفعل أهل الجاهلية من المشرِكين، فالواجب الآن تقسيم التركة وفق الحدود الشرعية.
وأما إن كان الوالد مرايضًا، واتصل مرضه بالموت، فقد ذهب عامة أهل العلم إلى أن الهبة في مرض الموت لها حكم الوصية، قال الإمام ابن المنذر في كتابه "الإشراف على مذاهب العلماء"(7/ 87):
"أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب: حكم الوصايا، ويكون من الثلث إذا كانت مقبوضة، هذا على مذهب المدني، والشافعي، والكوفي".
ومعلوم أن الوصية للورثة باطلة؛ ففي المسند عن عمرو بن خارجة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، ولا وصية لوارث".
إذا تقرر هذا؛ فيجب تقسيم الميراث المواريثُ كما أمر الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء:11].
وقد ذكر - سبحانه - عقب آيات المواريث: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء:13، 14]، وقال - سبحانه -: { تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا } [البقرة: 229].
فالمواريثُ من حدود الله التي يجب الوقوفُ معها وعدمُ مجاوزتها، ولا القصورُ عنها، ولا الاحتيال على إبطال الشرع بحرمان بعض الورثة حقهم، ومن يخالفْ ذلك، توعَّده الله بالعذاب الأليم.
وتفضيل بعض الورثة ظُّلْم ومنكرٌ وجور، يورث التَّنافُر في قلوب الإخوان، وهو من المخلَّفات الجاهلية التي هدمها الإسلام، فلا يحل للوالد أن يفضل الذكور على الإناث إلا ما جاءت به الشريعة، والدنيا لا تغني عن الآخرة، والله - تعالى - هو من قسم المواريث بين عباده وأعطى كل ذي حق حقه، ويجب على المسلمين الوقوفُ عند حدوده وعدمُ مجاوزتها، ولا القصورُ عنها، ولا الاحتيال على إبطال الشرع بحرمان بعض الورثة حقهم، ومن يخالفْ ذلك، توعَّده الله بالعذاب الأليم.،، والله أعلم.
- المصدر: