هل يهجر من لم يكفر الكافر؟
إن كان شاكًا في كفرهم أو جاهلًا بكفرهم بينت له الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - على كفرهم، فإن شك بعد ذلك وتردد فإنه كافر بإجماع العلماء على أن من شك في كفر الكفار فهو كافر ...
تجادلت انا وزميل لي حول شخصيه عامه معروفه هذه الشخصيه العامه معروف عنها حربها على الإسلام وكره كل ما هو إسلامي على الرغم من انه المفروض انه مسلم ومن أمثلة ما يقوله هذه الشخصيه العامه: -ان النصارى ليسوا بكفار -ان المسلمون إرهابيون -ان دخول الجنه ليس قاصر على المسلمين -موالي لليهود والنصارى ضد المسلمين ويشجعهم دائما بما يفعلونه بالمسلمون من تنكيل وقتل وتشريد. هذه كانت بعض أقوال الشخصيه العامه علنا وقد رأيت بعض الفتاوى لعلماء يكفرونه بادله من القرآن. وعندما قلت لزميلي ان هذه الشخصيه كافره طبعا بناء على أقواله وفتاوي العلماء بادله من القرأن والسنه وتلوت عليه آيات القرأن التي استدل بها العلماء لتكفيره وجعلته يشاهد فيديوهات لهذه الشخصيه العامه وهو يقول هذا الكلام والتي استدل بها العلماء على تكفيره كفر بواح فقال لي زميلي انه لا يجوز تكفيره لأنك لا تعرف نيته؛ فقلت له انه ليس لي بالنوايا لكن لي بظواهر أفعاله فقال لي حديث النبي صلى الله عليه وسلم فيما معناه انه من قال لاخيه يا كافر فقد باء به أحدهما ؛ وبناء عليه قال لي انت كافر لأنها ردت اليك فما حكمي وما حكم زميلي لاني من وقتها قاطعته وقلت له سوف اقتص منك يوم القيامه ولن اسامحك على تكفيري فما حكمي وحكم زميلي؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن من المقرر في الشريعة الإسلامية أن من لم يكفر المشركين، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم- كَفَرَ، كما أجمع العلماء على كفر من جادل عن المشركين، أو استحسن منهجهم، أو لا يرى فيه بأساً، أو قال إن غير المسلمين يدخلون الجنة، ومن تردد في كفره كفر؛ لرد النصوص والإجماع، ولكن من أقرّ بأن فعله كفر إلا أنه توقف في تكفيره لشبهة رآها، فإنه لا يكفر.
إذا تقرر هذا، فإن كان الحال كما ذكرت، فعدم تكفير صاحبك لذلك الكافر المجمع على تكفيره، كفر بالله تعالى، وردٌ للأخبار والإجماع، لأنه لا شبهة له في عدم الحكم بكفر الكافر، بل إن غضبه لتكفير الكافر المعاند، وجداله عنه، دليل على فساد قلبه {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} [النساء: 107]... إلى قوله تعالى: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} [النساء: 109]، فلا يجوز الجدال عن الخائن.
وقد أجمع العلماء على كُفر من لم يكفر الكافر الأصلي، كاليهود والنصارى وأعداء الإسلام ممن ينتمون للمذاهب الباطلة كالشيوعية والعلمانية وغيرهم، وكذلك يكفر من شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم؛ لأنه من بديهيات الشريعة أن كل من لم يدن بالإسلام فهو كافر.
ولكن يشترط في تكفير من لم يكفر الكافر، أو شك أو تردد في كفره، أن يعلم حاله، فمن جهل حال بعض الكفار فإنه يعذر في عدم تكفيره.
وقد قرر تلك القاعدة شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع كثيرة من كتبه، منها "مجموع الفتاوى": 2 / 367 – 368 ]، لما سئل عن فصوص الحكم لابن عربي وغيره من المشركين، فقال:
"وأقوال هؤلاء شر من أقوال النصارى، وفيها من التناقض من جنس ما في أقوال النصارى؛ ولهذا يقولون بالحلول تارة وبالاتحاد أخرى وبالوحدة تارة، فإنه مذهب متناقض في نفسه ولهذا يلبسون على من لم يفهمه؛ فهذا كله كفر باطناً وظاهراً بإجماع كل مسلم، ومن شك في كفر هؤلاء بعد معرفة قولهم ومعرفة دين الإسلام فهو كافر كمن يشك في كفر اليهود والنصارى والمشركين".
فاشترط رحمه الله لتكفير من لم يكفرهم: معرفة قولهم وحالهم، ومعرفة دين الإسلام أي الأدلة على كفرهم.
وقال رحمه الله (2 / 132- 133) في معرض كلامه عن النصيرية: "ولكن هؤلاء التبس أمرهم على من لم يعرف حالهم، كما التبس أمر القرامطة الباطنية لما ادعوا أنهم فاطميون وانتسبوا إلى التشيع، فصار المتبعون مائلين إليهم غير عالمين بباطن كفرهم، ولهذا كان من مال إليهم أحد رجلين: إما زنديقاً منافقاً، وإما جاهلاً ضالاً".
وقال كتابه "الصارم المسلول على شاتم الرسول" (ص: 586):
"أما من اقترن بسبِّه دعوى أن عليًا إله، أو أنه كان هو النبي وإنما غلط جبريل في الرسالة، فهذا لاشك في كفره، بل لاشك في كفر من توقف في تكفيره". اهـ.
وقال محمد بن سحنون وهو من علماء المالكية كما في كتاب "الشفا" (2/476) للقاضي عياض: "أجمع العلماء أن شاتم النبي - صلى الله عليه وسلم - المنتقص له كافر، والوعيد جار عليه بعذاب الله له، وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك في كفره وعذابه كفر". اهـ.
وقال العلامة سليمان بن عبدالله في رسالة "أوثق عرى الإيمان" وهي ضمن رسائل مجموعة التوحيد (1 / 160)، قال في معرض كلامه عن كفر القبوريين:
"إن كان شاكًا في كفرهم أو جاهلًا بكفرهم بينت له الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - على كفرهم، فإن شك بعد ذلك وتردد فإنه كافر بإجماع العلماء على أن من شك في كفر الكفار فهو كافر ... "
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/99):
"... لا يجوز لطائفة الموحدين الذين يعتقدون كفر عبّاد القبور، أن يكفروا إخوانهم الموحدين الذين توقفوا في كفرهم حتى تقوم عليهم الحجة؛ لأن توقفهم عن تكفيرهم له شبهة، وهي اعتقاد أنه لابد من إقامة الحجة على أولئك القبوريين قبل تكفيرهم، بخلاف من لا شبهة في كفره كاليهود والنصارى والشيوعيين وأشباههم، فهؤلاء لا شبهة في كفرهم، ولا في كفر من لم يكفرهم".
وعليه، فقد أحسنت بهجر صاحبك في الله تعالى حتى يتوب إلى الله تعالى،، والله أعلم.