زوجتي تحدثت مع رجل أجنبي عبر تطبيق رسائل الفيس بوك

منذ 2019-11-03
السؤال:

أولا زوجتي تحدثت مع رجل أجنبي عبر تطبيق رسائل الفيس بوك وأدلت له ببعض تفاصيل العلاقة الحميميه بيننا بهدف أن ينصحها (شاهدت هذه المحادثه عن طريق الصدفه فأنا احب أن أطمئن علي زوجتي كي لا تقع ضحية لأحد المستغلين لمشاكل الأزواج ولسد مداخل الشيطان علما بأني لايوجد عندي مشاكل صحيه تمنعني من ممارسة العلاقة الزوجيه, إلا أنه يوجد بعض المشاكل بيننا في قضية التفاهم) ثانيا هي تخرج من البيت وانا في العمل ولا تقول لي (هي تذهب عند صديقاتها وتذهب الي النادي لاني مشترك لأولادي وأنا ما عندي شك بأخلاقها) لاكني دائما انصحها بأن تخبرني إن ذهبت لاي مكان غير منزل والدتها او شرائها لمستلزمات المنزل في هذا اليوم ذهبت للنادي ومعها ابنتنا التي تتدرب في هذا النادي (علما بأن هذ اليوم لا يوجد تدريب لإبنتنا) سألت البنت في اليوم التالي وقالت ان امها طلبت منها ان تكذب علي لكي لا أعرف بذهابها الي هناك وأخافتها وشددت عليها, واعترفت البنت لي بذهابهم للنادي. لما واجهتها أنكرت بعدم ذهابها الي أي مكان بدون علمي. وواجهتها بمراسلتها مع الأجنبي وقدمت لها دليل بصور من محادثتهما وأيضا أنكرت فقلت لها أنتي تكذبي. فبدأت بالشتائم فضربتها وصرخت وذهبت الي أهلها وقالت لهم زوجي يشك بي انني اراسل اجنبي ويكذبني. كلمت أهلها وأخبرتهم أن المشكله انها خرجت من المنزل بدون علمي وعندما واجهتها أنكرت وأنا متأكد من خروجها من المنزل إلي النادي ولم أخبرهم بمحادثتها للأجنبي خوفا علي سمعتنا انا وهي السؤال هنا ما الاثم الذي وقعت انا فيه بخلاف ضربي لها وما الإثم الذي وقعت هي فيه وما كيفية الخروج من هذه المصيبه وأنا متأكد وأسأل امام الله علي ذلك علي مراسلتها مع أجنبي ومن خروجها لنادي في يوم غير أيام تمرين الإبنه وأيضا لا اريد لهذا الموقف أن ينتشر (حتي مع أهلها) خوفا علي سمعة الزوجة في المقام الأول

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فمما لا شك فيه أن حديث الزوجة مع رجل أجنبي عن علاقتها الحميمية مع زوجها، من القبائح البدهيَّة التي لا تحتاج إلى إقامة برهان على أنها من المنكرات التي يتَساوى في علمها الجميع، بل والمسلم والكافر، فيُعلم قبحها بصريح العقل والبداهة، فالله تعالى فطر عباده على استقباح المحرَّمات وتحسين الحسن، ومن ثم لا يُقبل دعوى الجهل في مثل هذه الأمور، وإنما يتصوَّر الجهل في الأمور الخفية، بخلاف من لا يشتبه على أحد!

هذا؛ وقد رهَّب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحديث بما يجرى بين الزوجين من أمور الجماع؛ كما في المسند وسنن أبي داود عن أسماء بنت يزيد، أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود عنده فقال: "لعل رجلاً يقول: ما يفعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها"، فأرم القوم، فقلت: إي والله يا رسول الله، إنهن ليقلن، وإنهم ليفعلون، قال: "فلا تفعلوا، فإنما مثل ذلك الشيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها، والناس ينظرون"، وقول: "أرم القوم": سكتوا.

والحاصل إن كلام بعض النساء مع الرجال الأجانب استدراج من الشيطان، ومن ثم كانت التوبة واجبة على ابن آدم في كل وقت؛ فـ"كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون"؛ رواه الترمذي، وابن ماجه.

وقد بين رسول الله أن تعالى يمكن العبد من ارتكاب الذنب لحكم عظيمة، كما في الصحيح عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لو لم تُذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يُذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم".

ولا يخفى أن كل إنسان قد تعتريه حالات من الضعف؛ دينيًّا، أو خلُقيًّا، أو نفسيًّا، أو غير ذلك في بعض الأوقات؛ مما يترتَّب عليه أن تصدر منه بعض التصرفات المحرَّمة، والتي ليست سجيةً له، ولا طبيعة فيه؛ والذي يظهر أن هذا ما حدث مع زوجتك.

فاطلب منها الابتعاد عن هذه الأمور، وأن تحرص على الصدق، وخذ بيدها للخير فأنت مسؤول عن تقويم دينها، فالزوج هو رئيس البيت، وأول واجبات رب الأسرة السعي في تهذيب الزوجة؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6]، وفي "الصحيحين" عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيت

وبين لها أن شريعة الله تعالى جاءتْ بما يُلائم فطرة الإنسان، ولم تَغفلْ عن طبيعة النفسَ البشرية؛ فصان الإسلامُ العلاقاتِ بين الجنسين، وجعل لها ضوابطَ صارمةً، وحرَّم العلاقة بين رجلٍ وامرأةٍ، إلا في ظلِّ زواج شرعيٍّ، فلا يصحُّ أيُّ علاقة بين الجنسين إلا لحاجة، وإن دَعَت الحاجةُ لمُخاطَبة الآخَر فيكون في حدود الأدب والأخلاق العالية؛ قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53]، وقال تعالى: {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 32].

والحكمة من هذا أن لله تعالى ركَّب الغريزة في النفس البشرية، فمَيْلُ الذكَر للأنثى فطريٌّ غرائزيٌّ محض، وبين لها أن الرجل الحقيقي يغار على زوجته من غير شك فيها، ولا برَضِي لزوجته الاختلاط بالرجال الأجانب؛ وأن عدم الْغَيْرَةِ على الأهل والمَحَارِم من الدِّياثةُ.

فالغيرةُ مِن الغرائز البشرية المحمودة التي أودَعَهَا اللهُ في الإنسان، وتَظهَر كلَّما أحسَّ شركة الغير في حقِّه، ومَن لا يغار فقلبُه مَنكوسٌ لا خيرَ فيه، وهي مِن الأخلاق التي يحبُّها الله، فأقوى الناس دينًا أعظمُهم غَيرةً، وفي الصحيحين قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ".

وفي الصحيح أيضًا أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لَيْسَ أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ؛ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ".

ولتحرص أيضًا على سلامة وقوة أسرتك الناشئة، فالعلاقةُ بين الزوجين موصوفةً في السنة المشرفة بالميثاق الغليظ، وبأمانة الله، وكلمة الله، فلا ينبغي الإخلال أو التهوين بها، ولا إضعافها، بسبب بوادر النشوز، أو عصيان الزوجة وخروجها عن الطاعة المتمثل في العناد، وهذه الصفات تتخلى الزوجة عنها شيئًا فشيئًا بكثرة العشرة والإحسان، وقبول عذرها، والصبر عليها، مع تذكيرها الدائم بالله عز وجل، وما أوجب عليها مِن طاعة الزوج في المعروف، فطاعةُ الزوجة لزوجها مِن أوجب واجبات الشرع، ما لم تكن في معصية الله تعالى، وهي مقدَّمة على طاعة كل أحد، حتى الوالدين، ففي الحديث الشريف: "لو كنتُ آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد، لأمرتُ المرأةَ أن تسجدَ لزوجها، ولا تُؤدي المرأة حق الله عز وجل عليها كله، حتى تؤدي حق زوجها عليها كله، حتى لو سألها نفسها - وهى على ظهر قتب - لأعطتها إياه"؛ رواه أحمد وابن ماجه.

 واعطِ لزوجتك الفرصة للوقوف مع نفسها في هدوء، وتعاهدَا على ذلك، فأجمل ما في الحياة الزوجية هو الحوارُ الهادئ بين الزوجين؛ فهو الضمانةُ التي لا تجعل الأسرة ريشةً في مهب الرياح، وهي ترجمةٌ للسكن والأمن والسلامة التي تشعُّ المودة والرحمة والأنس والتجاوب والتعاطف والتحابّ.

ولا بأس أن تستعين بأحد العقلاء من أسرتها أو أسرتك من أهل الفضل والعدل والخبرة الأسرية؛ ليجلس معكما وينظر فما ينقم كلٌّ منكما على صاحبه،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 12
  • 0
  • 7,412

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً