الخروج للتنزه مع الزميل النصراني

منذ 2019-12-15
السؤال:

سلام عليكم ورحمة الله / فضيلة الشيخ يحفظكم الله. انا شاب سوداني ديانه مسلم. لدي شخص مسيحي في مكان عمل نضحك مع بعض يتصل علي عندما ومرض ليطمئن علي حالي في وقت لي آخر و نحرج في بعض الوقت لناكلفتوه المطاعم المسلمين وكفتيريات ما حكم هل يجوز وسؤالي الثاني / ايضا مشابه له لدينا امراه مسيحية تعمل لنا مثلآ شاي والقهوة وتاحذ اجره ايضا اريداريد فتوه وشكرا

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فالمتأمل في كتاب الله العزيز وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعلم أن الأصل عدم صداقة الزميل النصراني؛ مثل الخروج معه، والمخالطة في الطعام والشراب، وغير ذلك إلا أن دعت المصلحة الراجحةٌ؛ لأن ذلك أسلمُ للقلب، فعقيدة الولاء والبراء من آكَدِ أُصُول الدين، وأوثق عُرَى الإيمان، وهَدْمُ هذا الأصل في قلب العبد، وترك ما يُوجِبه على المؤمن من الأعمال، يُعَدُّ هَدمًا للإيمان كله، الذي هو مبنيٌّ على محبة أولياء الله تعالى، ومعاداة أعدائه.

ولا شكَّ أن الخُلطَةَ توجِبُ من الحُبِّ والمودةِ ما لاينكره إلا مكابر، ويُخشَى من الوقوعُ في مخالفة نصوص الكتاب والسنة التي تنهى عن موادَّة الكُفَّار، والركون إليهم واتخاذِهم أصدقاءَ وخلان؛ لما قد يترتب على ذلك من مَيلِ القلب إليه والرِّضا بدينِهِ.

قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران:118]، وقال سبحانه: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ} [هود:113]، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا للهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} [النساء: 144]، قوله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة/22]، والآيات بهذا المعنى كثيرة.

وقد أباحة الشريعة الإسلامية عيادة الكافر وزيارته إن دعن المصلحة، وكذلك الإحسانُ إليهِ، وبذلُ المعروفِ إليه، إذا أردتَ بذلِكَ تأليفَه عَلَى الإِسلَامِ، ولكن بغير مودَّةِ القلب، ولا تعظيمٍ لشعائر الكُفر، فَمَتَى أدَّى إِلَى أَحَدِ هذينِ امتَنَعَتْ، وَصَارَ مِن قَبِيلِ ما نُهِيَ عنهُ؛ كما قال تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ} [الممتحنة:8].

إذا عرف هذا، فلتحَذَرِ مِنِ اتِّخاذِه الكافر صديقًا وخلًّا، أو محبَّتِهِ، فمحبةُ الكافر أمرُها خطيرٌ جدًّا؛ لأنها تُنَاقِضُ بابًا عظيمًا من أبواب التوحيد، أَلَا وهو الوَلَاءُ للمؤمنين؛ فقد رَوَى أحمدُ عن البَرَاءِ بنِ عازِبٍ قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أَوْثَقُ عُرَى الْإِيمَانِ: الموالاةُ في اللهِ، والمعَادَاةُ في اللهِ، والْحَبُّ فِي اللهِ وَالْبُغْضُ فِي اللهِ".

أما عمل الكلفرة المذكور فمباح، وإن كانت المسلمة أولى منها؛ لأها لا يأمن جانبهم، كما روى الإمام أحمد عن أبي موسى رضي الله عنه قال: "قلت لعمر رضى الله عنه إن لي كاتبًا نصرانيًا، قال: مالك قاتلك الله أما سمعت الله يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة: 51] ـ ألا اتخذت حنيفًا؟ قال: قلت يا أمير المؤمنين: لي كتابته وله دينه، قال: لا أكرمهم إذ أهانهم الله، ولا أعزهم إذ أذلهم الله، ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله"،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 2
  • 0
  • 1,474

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً