حكم الاستغفار او الترحم علي الكفار
حكم الاستغفار او الترحم علي غير المسلمين سواء بالشرك او بالالحاد استناداً لموقف النبي محمد صل الله عليه وسلم من موت عبد الله ابن اُبي ابن سلول وطلب ابنه عبد الله ان يستغفر النبي له فاستغفر له النبي وهو يعلم ان الله لن يغفر له لقوله سبحانه وتعال .. بسم الله الرحمن الرحيم " اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ" وبالرغم من ذلك استغفر الرسول صل الله عليه وسلم له ارضاءاً لمشاعر وطلب عبد الله ابن عبد الله ابن اُبي ابن سلول .. بل وكان صل الله عليه وسلم يزيد عن السبعين اعتقاداً منه انه اذا زاد علي السبعين سيغفر الله له .. مسألة الإعتقاد في المغفرة من عدمها أمر محسوم وهو ان الله سبحانه وتعال لن يغفر لهم . السؤال عن التلفظ بالاستغفار لهم لا حرج فيه لما فيه من التخيير بقول ربنا عز وجل " اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ " وقوله " سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ " ..
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فلا يجوز الاستغفار للكفار والدعاء لهم بالرحمة؛ ودلّ على ذلك القرآن الكريم والسنة المشرفة، قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ* وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ } [التوبة: 113، 114]. لآية نزلت لنهي المؤمنين عن الاستغفار لآبائهم المشركين، وإنما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - في صدر الآية باعتباره - صلى الله عليه وسلم - المتلقي للوحي المبين لأحكامه.
نهي المؤمنين عن استغفارهم لآبائهم المشركين، وفي الصحيحين عن ابن المسيب، عن أبيه، أن أبا طالب لما حضرته الوفاة، دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل، فقال: «أي عم، قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله» فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب، ترغب عن ملة عبد المطلب، فلم يزالا يكلمانه، حتى قال آخر شيء كلمهم به: على ملة عبد المطلب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لأستغفرن لك، ما لم أنه عنه» فنزلت: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113]، ونزلت: {إنك لا تهدي من أحببت} [القصص: 56]"
والمعنى: "ما ينبغي لهم –أي المؤمنين- قالوا وهو نهي، والواو في قوله تعالى: {وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} واو الحال" قاله النووي في شرحه على مسلم (1/ 215).
فالاستغفار لمن مات على الشرك هو طلب المغفرة لمن حقت عليهم كلمة العذاب، ووجب عليه الخلود في النار، فلا ينتفع بالاستغفار ولا الشفاعة، والمؤمن الحق يوالي من والاه الله ويعادي من عاداه الله، والاستغفار والدعاء بالرحمة لمن مات على الكفر.
ويبين هذا المعنى ما رواه مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي"، وهو ظاهر الدلالة في النهي عن الاستغفار للكفار وطلب المغفرة.
وروى الترمذي عن أبي موسى الأشعري قال: كان اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم يرجون أن يقول لهم: يرحمكم الله، فيقول: "يهديكم الله، ويصلح بالكم"، فلم يشمتهم تشميت المسلمين الذي هو دعاء بالرحمة، وإنما دعا لهم بالهداية.
أما الاحتجاج بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم على عبدالله بن أبي بن سلول، فغير صحيح؛ لأن النبي كان مخيرًا فيه، ثم نهي عن ذلك؛ ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن عبد الله بن أبي لما توفي، جاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أعطني قميصك أكفنه فيه، وصل عليه، واستغفر له، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه، فقال: "آذني أصلي عليه"، فآذنه، فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر رضي الله عنه، فقال: أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين؟ فقال: "أنا بين خيرتين، قال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80]، فصلى عليه، {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84].
وفي رواية وسأزيده على السبعين " قال: إنه منافق، قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84].
وزاد مسلم وزاد قال: "فترك الصلاة عليهم"، فدل على أن الصلاة والاستغفار للمنافقين المعلوم نفاقهم منسوخ.
أمر آخر أنه لا يصح قياس المشرك والكافر على المنافق؛ لأن المنافقين مسلمون في الظاهر وكفار في الباطن، فكان التبي يعاملهم معاملة المسلمين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب "الإيمان"(ص: 169):
"فلم يكن يصلى عليهم ولا يستغفر لهم، ولكن دماؤهمْ وأموالهم معصومة لا يستحل منهم ما يستحله من الكفار الذين لا يظهرون أنهم مؤمنون، بل يظهرون الكفر دون الإيمان، فإنه صلى الله عليه وسلم قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإذا قالوها عَصَمُوا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على اللّه"، ولما قال لأسامة ابن زيد: "أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟ " قال: إنما قالها تَعَوُّذاً، قال: "هَلاَّ شَقَقْتَ عن قلبه؟" وقال: "إني لم أومر أن أنقِّبَ عن قلوب الناس، ولا أشُقَّ بطونهم"، وكان إذا استؤذن في قتل رجل يقول: "أليس يصلي، أليس يتشهد؟ "فإذا قيل له: إنه منافق، قال: "ذاك".
إذا تقرر هذا فيحرم الاستغفار او الترحم علي الكافرين عمومًا،، والله أعلم.
- المصدر: