نذر ترك المعصية المكرر
السلام عليكم، عندما كنت شابة نذرت ان أترك معصية و قلت ان لم اتركها اصوم 3 أيام و بعدها كررت المعصية و ندمت و قلت ان أعدتها فاصوم 10 أيام. الحمد لله الله أنعم علي بالتوبة و لم ارجع للمعصية،أنا صمت 3 أيام و لله الحمد ،هل علي أن أصوم10 أيام كذلك لااني نذرت على نفس الأمر؟
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإن النذر الذي يجب الوفاء به هو نذر التبرر، حيث يكون مقصود الناذر حصول الشرط، ويلتزم فعل الجزاء شكرًا لله تعالى؛ كقوله: إن شفى الله مريضي فعلي أن أصوم شهرًا، أو أتصدق بمائة، أو نحو ذلك.
أما نذر ترك المعصية، فهو يمين، وإن خرج مخرج النذر؛ لأنه لم يرد صاحبه البر من تعليق الجزاء، وإنما قصد منع نفسه، فهو لم يرد الشرط ولا الجزاء، ولا قصد القربة بالنذر.
من المقرر أن العبر في الشريعة بالمعاني والمقاصد، وليس بالألفاظ والمباني، وأن الأمور بمقاصدها.
قال الإمام ابن القيم في "إعلام الموقعين": "وقاعدة الشريعة التي لا يجوز هدمها: أن المقاصد والاعتقادات معتبرة في التصرفات والعبادات، كما هي معتبره في التقربات والعبادات".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في" الفتاوى": "والعهودُ والعُقود مُتقاربةُ المعنَى أو متَّفقة، فإذا قال: أُعاهِدُ الله أنِّي أحجُّ العامَ فهو نذرٌ وعهْدٌ ويَمين، وإن قال: لا أُكَلِّمُ زيدًا فيَمينٌ وعهدٌ لا نذر، فالأيْمان تضمَّنتْ معنَى النذر، وهو أن يلتزمَ لِلَّه قربةً لزمه الوفاء، وهي عَقْدٌ وعهد ومعاهدة لِلَّه لأنَّه التزم لله ما يطلبُه الله منه". اهـ.
وقال "وأما نذر اللجاج والغضب فقصد الناذر أن لا يكون الشرط ولا الجزاء، مثل أن يقال له: سافر مع فلان فيقول: إن سافرت فعلي صوم كذا وكذا، أو علي الحج، فمقصوده أن لا يفعل الشرط ولا الجزاء، وكما لو قال: هو يهودي أو نصراني إن فعل كذا، أو إن فعل كذا فهو كافر ونحو ذلك؛ فإن الأئمة متفقون على أنه إذا وجد الشرط فلا يكفر بل عليه كفارة يمين...إلى أن قال: وأما الصحابة وجمهور السلف والمحققون فقالوا: الاعتبار بمعنى اللفظ، والمشترط هنا قصده وجود الشرط والجزاء، وهناك قصده ألا يكون هذا ولا هذا؛ ولهذا يحلف بصيغة الشرط تارة، وبصيغة القسم أخرى مثل أن يقول: علي الحج لأفعلن كذا، أو لا فعلت كذا أو علي العتق إن فعلت كذا أو لا فعلت كذا". اهـ.
إذا تقرر هذا؛ فما نذرته من ترك المعصية هو يمينوإن خرج مخرج النذر، وحتى وإن لم تتلفظ باليمين، وتجب عليك الكفارة عند الحنث، وهي: إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام، ويجزئ فيه كيلو من الأرز أو غيره، أو كسوتهم، فإن كنت غير مستطيع تجد فصيام ثلاثة أيام.
والذي يظهر أنك فعلت كفارة اليمين، فإن وقعت في المعصية مرة أخرى وجبت الكفارة، ولا يجب صيام الأيام العشر؛ لأنه ليس نذرًا وإنما يمين كما سبق بيانه،، والله أعلم.
- المصدر: