هل توجد كفارة لليمين الغموس
لقد كنت احلف كذب في بعض الأحيان ولكن توبت الي الله ولا اتذكر عدد المرات التي حلفت بها كذب هل يجوز ان اخرج صدقه لفقير من مالي ككفاره واذا كان يجيب ان اصوم كم يوما اصوم
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن من حلف بالله كذِبًا متعمِّدًا، فقد ارتكب كبيرة من أكبر الكبائر، وهُو يسمَّى بـ"اليمين الغموس"؛ لأنَّها تغمِس صاحبَها في النَّار،ولشدَّة قُبْحِها وعظيم وِزْرِها؛ لا يرفع إثْمَها كفَّارة، بل هي أعظم من أن يكفِّرها شيء إلا التوبة الصادقة، من الندم والاستغفار والإقلاع عن الذنب والعزم على عدم العود..
وفي الصَّحيحين: عن عبدالله بن عمرو قال: جاء أعرابيٌّ إلى النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - فقال: يا رسول الله، ما الكبائر؟ قال: ((الإشْراك بالله))، قال: ثمَّ ماذا؟ قال: ((ثمَّ عقوق الوالِدين))، قال: ثمَّ ماذا؟ قال: ((اليمين الغموس))، قلت: وما اليمين الغموس؟ قال: ((الَّذي يقتطِع مالَ امرئٍ مُسلم هو فيها كاذب)).
قال ابن القيِّم في "إعلام الموقّعين": "ما كان من المعاصي محرَّم الجنس؛ كالظُّلم والفواحش، فإنَّ الشَّارع لم يشرع له كفَّارة؛ ولهذا لا كفَّارة في الزِّنا وشرب الخمْر، وقذْف المحْصَنات والسَّرقة، وطرد هذا: أنَّه لا كفَّارة في قتل العمد، ولا في اليمين الغموس - كما يقولُه أحمد وأبو حنيفة ومن وافقَهما - وليس ذلك تخفيفًا عن مرتكبِهما؛ بل لأنَّ الكفَّارة لا تعمل في هذا الجِنْس من المعاصي، وإنَّما عملُها فيما كان مباحًا في الأصل وحرِّم لعارض؛ كالوطْء في الصيام والإحْرام، وطرد هذا - وهو الصحيح - وجوبُ الكفَّارة في وطْء الحائض، وهو موجب القياس لو لَم تأْتِ الشَّريعة به، فكيف وقد جاءت به مرفوعةً وموقوفةً؟! وعكس هذا الوطْء في الدُّبر ولا كفَّارة فيه، ولا يصح قياسه على الوطْء في الحيْض؛ لأنَّ هذا الجنس لَم يُبَح قطُّ ولا تعمل فيه الكفَّارة، ولو وجبت فيه الكفَّارة، لوجبت في الزِّنا واللواط بطريق الأولى، فهذه قاعدة الشَّارع في الكفَّارات، وهي في غاية المطابقة للْحكمة والمصلحة".
وعليه فلا تجب عليك كفارة محددة ولكن أكثر من الأعمال الصالحة مع التوبة الصادقة،، والله أعلم.
- المصدر: