حكم من يسب الدين دون العلم بحكم ذلك
السلام عليكم ورحمه الله لدي قريب يسب الله و يسب الدين و العياذ بالله عند حالة الغضب و يقول أنه لا ينكر الله في قلبه و هو يصلي و فما هو حكم ذلك الشخص و هل يجوز التعامل معه و ما هو واجبي نحوه علما أنه شخص متزوج ؟
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فقد أجمع أهل العلم كفر من سبُّ الدين، وأن من نطق بكلمة الكفر كفر، سواء استحل أو لم يستحل اعتقد ذلك أو كان زاهلاً عن معتقده.
قال أبو محمد بن حزم في "الإحكام"( 1/45):
" الكفر .. هو في الدين صفة من جحد شيئاً مما افترض الله تعالى الإيمان به، بعد قيام الحجة عليه، ببلوغ الحق إليه، بقلبه دون لسانه، أو بلسانه دون قلبه، أو بهما معاً، أو عمل عملاً جاء النص بأنه مخرج له بذلك عن اسم الإيمان". اهـ.
وقال في "المحلَّى بالآثار" (12/ 438): "كلُّ مَن سبَّ الله تعالى، أو استهزأ به، أو سبَّ ملكًا مِن الملائكة، أو استهزأ به، أو سبَّ نبيًّا مِن الأنبياء، أو استهزأ به، أو سبَّ آيةً مِن آيات الله تعالى أو استهزأ بها، والشرائع كلها، والقرآن من آيات الله تعالى، فهو بذلك كافرٌ مرتدٌّ، له حكم المرتد"؛ اهـ.
وقال في "الفصل": "كل من ينطق بالكلام الذي يحكم لقائله عند أهل الإسلام بحكم الكفر، لا قارئاً ولا شاهداً ولا حاكياً ولا مكرهاً، فقد شرح بالكفر صدراً". اهـ.
وقال ابن نجيم: "إن من تكلم بكلمة الكفر هازلاً أو لاعبًا، كفر عند الكل ولا اعتبار باعتقاده".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كناب "الإيمان"(ص: 174-175):
"وإذا تكلم بكلمة الكفر طوعاً، فقد شرح بها صدراً وهي كفر؛ وقد دل على ذلك قوله تعالى: قال الله تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [التوبة: 64 - 66]، فقد أخبر أنهم كفروا بعد إيمانهم، مع قولهم: إنا تكلمنا بالكفر من غير اعتقاد له، بل كنا نخوض ونلعب، وبين أن الاستهزاء بآيات الله كفر، ولا يكون هذا إلا ممن شرح صدره بهذا الكلام، ولو كان الإيمان في قلبه، منعه أن يتكلم بهذا الكلام. والقرآن يبين أن إيمان القلب يستلزم العمل الظاهر بحسبه". اهـ.
إذا تقرر هذا، فمن سب دين الإسلام فهو كافر حتى وإن ادعى عدم العلم، لأن تعظيم دين الله من بدهيات الشريعة، ويجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحًا، من النَدم والاستغفار، والإقلاع عن السب، والنطَق بالشهادتين؛ قال تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38]، فمن ارتد ثم رجع للإيمان، قبل الله توبته بالنص والإجماع،، والله أعلم.
- المصدر: