حكم الزواج من غير ولي للضرورة
السلام عليكم، أنا إمام مسجد في رومانيا يأتيني بعض الرجال المتزوجين من نصرانيات للزواج من امرأة ثانية ، وبسبب قوانين البلد التي تحرم الزواج من الثانية فإنهم يطلبون مني أن أتولى عقد الزواج مكان ولي المرأة لدفع الأضرار القانونية التي قد تترتب على علم أهلها وغيرهم، فهل يجوز دفعا للضرر الذي يتسبب للمتزوج إن علم أحد من الناس بأنه الزواج الثاني ، ودفعا لمفسدة الوقوع في الزنى أن أتولى عقد نكاح هذه المرأة ؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:عنوان الرسالة:
نص الرسالة:
فالذي يظهر من كلام الأخ السائل أن الزواج يتم بدون علم أهل الزوجة، فإن كان كذلك فلا يجوز للسائل أن يساعدهم في إتمام عقد الزواج؛ لأنه حينئذ من زواج السر، ولأن الولي ركن من أركان عقد النكاح.
فإن كان الزواج من فتاة كافرة فوليها في عقد الزواج هو والدها، فإن رفض أو تعذر فيزوجها أخوها أو عمها، فإن رفضوا جميعًا -خصوصًا والأسر عندهم مفككة - زوجها رجل من أهل دينها، ولا يجوز أن يتولى العقد قريبها المسلم أو أحد المسلمين، فإن تعذر العقد بولاية أحد أوليائها، وكلت أحدًا من أهل ملتها، فإن تعذر كل هذا زوجها رجل من المسلمين.
قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (7/ 27):
"وأما المسلم فلا ولاية له على الكافرة، غير السيد والسلطان وولي سيد الأمة الكافرة؛ وذلك لقول الله تعالى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73]، ولأن مختلفي الدين لا يرث أحدهما الآخر، ولا يعقل عنه، فلم يلِ عليه، كما لو كان أحدهما رقيقًا... إلى أن قال: إذا تزوج المسلم ذمية، فوليها الكافر يزوجها إياه، ذكره أبو الخطاب، وهو قول أبي حنيفة، والشافعي؛ لأنه وليها، فصح تزويجه لها، كما لو زوجها كافرًا، ولأن هذه امرأة لها ولي مناسب، فلم يجز أن يليها غيره، كما لو تزوجها ذمي". اهـ.
وقال الإمام ابن القيم في كتابه أحكام أهل الذمة (2/ 786): "ولا يلي المسلم نكاح الكافرة، لما تقدم من قطع الموالاة بين المسلمين، والكفار، إلا أن يكون سلطانًا، أو سيدًا لأمة، فإن ولاية السلطان عامة.
وأما سيد الأمة فإن له أن يزوجها من كافر، وإن لم يملك تزويج ابنته الكافرة من كافر، والفرق بينهما أنه يزوجها بحكم الملك، فجاز ذلك كما لو باعها من كافر، بخلاف ابنته، فإنه يزوجها بحكم الولاية، وقد انقطعت باختلاف الدين كما انقطع التوارث والإنفاق". اهـ.
إذا تقرر هذا، فلا يجوز لإمام المسجد أو غير تزويج المرأة الكافرة إلا بعلم أهلها لما تقدم، ومن كانت من غير أهل، أو كان أهلها لا يهتمون بزواج بناتهم؛ لتفكك الأسر، أو كان العرف السائد عندهم أن البنت تزوج نفسها متى شاءت وتفعل ما يحلو لها بغير اعتراض من أهلها-: فيزوجها رجل من أهل ملتها وإن امتنع زوجها أحد المسلمين.
ومن خشي على نفسه الوقوع في الزنا فالواجب عليه ترك تلك البلاد؛ لأن من شروط الإقامة في بلاد الكفار أن يأمن المسلم على نفسه من الفتن، وأن يتمكن من إقامة دينه، فإن خشي الوقوع في المحظور تعين العودة لبلاد المسلمين؛ لأن السلامة في الدين لا يعدلها شيء، إلا في حال الضرورة مثل عدم التمكن من العودة، أو كان في عودته لوطنه ضرر عليه، والضرورة تقدر بقدرها، وفي هذه الحال يجوز له الزواج من أخرى بالضوابط السابق ذكرها، ويجوز لإمام المسجد وغيره مساعدته على ما فيه صلاح دينه،، الله أعلم
- المصدر: