الاخذ بأيسر أقوال العلماء
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته بالنسبة لموضوع تتبع الرخص عندما يريد الإنسان أن يعرف الحكم الشرعي في قضية ما فأنه يبحث على الانترنت عن الحكم فيجد أكثر من موقع اسلامي موثوق مثل هذا الموقع لكن يجد تباين في الاجابات فيقول له حكمه كذا وعند بعض الشافعية والمالكية مثلا كذا فهل إذا أخذ بقول الشافعية والمالكية مثلا في مثل هكذا إجابة يكون تتبع الرخص ام لا
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإن من مقاصد الشريعة الإسلامية التيسير على المكلف، والأخذ بالأيسر والأرفق ما لم يكن حرامًا أو مكروها؛ ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه"، وروى أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته".
غير أن المرجع في التيسير هو قصد التدين وعدم تتبع الرخص، إذا اتقى الله ما استطاع واطمأن قلبه بذلك، فلا يجوز الأخذ بالأيسر من أقوال أهل العلم إذا كان مخالفًا لأحكام الشرع، أو كان الاختيار تابعًا لهوى النفس.
وقد حذر أهل العلم من الأخذ بالأيسر بغير الضابط المذكور كالأمام الشاطبي في كتابه "الموافقات، وقد لخص كلامه صاحب كتاب "الفقه الإسلامي وأدلته" فقال (1/ 104-105): " وهو أنه يجب على المقلد الترجيح بين أقوال المذاهب بالأعلمية وغيرها، واتباع الدليل الأقوى، لأن أقوال المجتهدين بالنسبة للمقلدين كالأدلة المتعارضة بالنسبة إلى المجتهد، فكما يجب على المجتهد الترجيح أو التوقف عند تعادل الأدلة، كذلك المقلد؛ ولأن الشريعة ترجع في الواقع إلى قول واحد، فليس للمقلد أن يتخير بين الأقوال، وإلا كان متبعاً غرضه وشهوته، والله تعالى يمنع اتباع الهوى جملة وهو قوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59].
ثم أبان الشاطبي في كلام مسهب ما يترتب على مبدأ الأخذ بالأيسر من مفاسد:
أولها ـ الضلال في الفتوى بمحاباة القريب أو الصديق في تتبع رخص المذاهب اتباعاً للغرض والشهوة.
ثانيها ـ الادعاء بأن الاختلاف حجة على الجواز أو الإباحة، حتى شاع بين الناس الاعتماد في جواز الفعل على كونه مختلفاً فيه بين أهل العلم.
ثالثها ـ اتباع رخص المذاهب اعتماداً على مبدأ جواز الانتقال الكلي من مذهب إلى مذهب، وأخذاً بمبدأ اليسر الذي قامت عليه الشريعة مع أن الحنيفية السمحة أتى فيها السماح مقيداً بما هو جار على أصولها، وليس تتبع الرخص ولا اختيار الأقوال بالتشهي بثابت من أصولها، ثم ذكر بعض مفاسد اتباع رخص المذاهب كالانسلاخ من الدين بترك اتباع الدليل إلى اتباع الخلاف، كالاستهانة بالدين إذ يصير سيَّالاً لا ينضبط، وكترك ما هو معلوم إلى ما ليس بمعلوم، للجهل بأحكام المذاهب الأخرى، وكانخرام قانون السياسة الشرعية بترك انضباط معيار العدالة بين الناس، وشيوع الفوضى والمظالم وضياع الحقوق وتعطيل الحدود واجتراء أهل الفساد، وكإفضاء ذلك إلى القول بتلفيق المذاهب على وجه يخرق إجماعهم، وغير ذلك من المفاسد التي يكثر تعدادها.
رابعها ـ التخلص من الأحكام الشرعية وإسقاطها جملة، عملاً بمبدأ الأخذ بأخف القولين، لا بأثقلهما، مع أن التكاليف كلها شاقة ثقيلة". اهـ.
وقد سبق أن بينا أن الواجب على جميع المسلمين إتباع الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، وأن العامي مذهبه مذهب من يفتيه، فإذا أشكل عليه أمر من أمور دينه، سأل من يثق بعلمه، وعليه أن يختار الأعلم والأتقى والأورع من أهل العلم، حسب وسعه؛ في فتوى: "المذهب الدي يجب العمل به"،، والله أعلم.
- المصدر: