حكم القرض بسبب صعوبة الحياة
السلام عليكم انا غير متزوج وعمري الان 40 سنة واعمل بوظيفة في القطاع العام وظرفي المادية صعبة انا واهلي واريد ان احصل على قرض شخصي للزواج ولكن لابد ان ادفع على القرض فوائد وحاولت توفير القرض دون فوائد بنكية لكن لم اتمكن من ايجاد البديل فهل ممكن ولظرفي الشخصية ان احصل على قرض شخصي مع فائدة وشكرا
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإنَّ الاقتراضَ بفائدةٍ هو عَيْنُ الرِّبا المُحرَّم بالكتابِ والسُّنَّة وإجْماع المسلمين الذين يُعتدُّ بقوْلِهم، وليس لأحدٍ التَّعامُل بالرِّبا إلا عند الضَّرورة الملجئة التي تُبيحُ أكلَ الميتة وشُرب الخمر، والتي لا يُمكِنُ دفْعُها إلا بذلك؛ لقوْلِ الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا} [التغابن: 16]، وقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة: 173]، وقال تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ } [الأنعام: 119].
أمَّا إذا لم تكنْ هنالك ضرورةٌ ملجئة، أو كانتْ هنالك ضرورةٌ يُمكن دفعُها بوسائل غير مُحرَّمة، فلا يَجوز الاقتراض بالربا، ومَن فَعَلَهُ فقد فتح عليه باب شَرٍّ مُستطير، وستُمحق بركة ما أَخَذَهُ من الرِّبا، ويتعرَّض لإعلان حربٍ بيْنَهُ وبيْنَ الجبار سبحانه؛ قال تعالى: { يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كُفَّارٍ أَثِيمٍ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ} [البقرة: 276-279].
إذا تقرر هذا، فإن كنت محتاج للقرض بسبب الضرورة لحفظ النَّفس أو العِرض أو غيرها من الضَّرورات التي يُمكن دفعُها إلا بالقرض، فيُباح الوقوع في الحرام للاضطِرار، بسبب المشقة الشديدة التي يخاف معها حدوث ضرر أو أذى بالنفس أو بالعضو أو بالعرض أو بالعقل أو بالمال؛ ومن القواعد المقررة أن الضروراتُ تُبيحُ المحظورات، والضَّرورة تقدَّر بقدرها.
وحد الضرورة، هو ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل
وهذا ما قرره مجمع الفقه الإسلامي حيث نصّ على أن: "الإقراض بالربا المحرم لا تبيحه حاجة ولا ضرورة، والاقتراض بالربا محرم كذلك، لا يرتفع إثمه إلا إذا دعت إليه الضرورة، وكل امرئ متروك لدينه في تقدير ضرورته".
وإن لم يكن القرض لحفظ أحدى الضروريات،، والله أعلم.
- المصدر: