هل الوفاء بالنذر على الفور

منذ 2021-07-06
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نذرت منذ سنوات نذرا وصفته هكذا: ان تحقق كذا لأذبحن سبع شياه. وقد تحقق بحمد الله ولم أحدد موعدا او وقتا وكنت ان اوفي بنذري ذات مرة لكن وقع ما جعلني اتراخى.

 المهم اني الان اريد ان شاء الله الوفاء بما نذرت.

اما السؤال فهو كالآتي: بما اني اعيش في فرنسا هل يجوز لي أن أرسل مالا لأخي ليشتري به سبع اضاحي للعيد ويفرقها على سبع عيال او ان يعطي كل عائلة ثمن الشاة لتشتريها هي ام اني لا بد لي من أن اشتريها واذبحها بنفسي كما نذرت ؟

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَنْ والاه، ثم أما بعد:

فإن الوفاء بالنذر المعلق واجب إذا تحقق ما علق عليه النذر؛ وقد أثنى الله على عباده الذين يوفون بالنذر؛ فقال سبحانه:{يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [الإنسان:7]، وقال:{وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج:29]، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من نذر أن يطيع الله فليطعه))؛ رواه البخاري.

أما متى يجب الوفاء بالنذر، فمن حين وجد الشرط الذي علق النذر عليه يجب الوفاء به، لأن الراجح من قولي أهل العلم أن الأمر يقتضي الفور، ومن ثمّ يجب الوفاء بالنذر على الفور؛ وهو الذي دلّ عليه الدليل من الكتاب والسنة؛ قول الله تعالى {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133]، والمسارعة تعني: المبادرة في أول أوقات الإمكان، وقال تعالى {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148]، وقال تعالى موبخًا لإبليس: {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: 12]، فذمه على ترك السجود عند سماع الأمر، وعلى عدم المبادرة بالامتثال.

أما السنة ففي صحيح البخاري في قصة صلح الحديبية وكانوا محرمين بالعمرة... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "قوموا فانحروا ثم احلقوا"، قال: فوالله ما قام منهم رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس"، الحديث.

وفيه: "أن الأمر المطلق على الفور؛ وإلا لم يغضب لتأخيرهم الامتثال عن وقت الأمر"، كما في الهدي لابن القيم.

قال أبو محمد بن حزم في "الإحكام في أصول الأحكام"(3/ 45):

"وقد قدمنا أن أوامر الله تعالى على الوجوب، فإذا أمرنا تعالى بالاستباق إلى الخيرات والمسارعة إلى ما يوجب المغفرة، فقد ثبت وجوب البدار إلى ما أمرنا به ساعة ورود الأمر، دون تأخر ولا تردد". اهـ.

هذا؛ وممن قال بوجوب الوفاء بالنذر في أول أوقات التمكن الحنابلة.

جاء في "كشاف القناع عن متن الإقناع" (6/ 279):

"وإن قال إن ملكت مال فلان فعلي الصدقة به، فملكه، فكماله – أي: يجزئه التصدق بثلثه - وتجب كفارة النذر على الفور وتقدم آخر كتاب الإيمان، وكذلك نفس النذر يجب إخراجه فورًا، وتقدم في غير موضع". اهـ.

وجاء في "الشرح الممتع على زاد المستقنع" (15/ 220):

"... هل الوفاء بالنذر على الفور؟

إذا كان مقروناً بشرط فهو على الفور، من حين يوجد الشرط يجب الوفاء به، وإذا كان مطلقاً ففيه خلاف، والصحيح وجوب الوفاء به فوراً". اهـ. مختصرًا.

وعليه، فيجب عليك التوبة من تأخير إخراج النذر، إلا إن كنت معذورًا أو تجهل الحكم.

أما نقل النذر إلى بلدك وتوكيل من يقوم بهذا، فجائز؛ لأن العبرة بوجود النذور وليس مباشرة الذبح،، والله أعلم.  

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 3
  • 2
  • 2,121

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً