الرجوع إلى الماضي!
كنت تعرفتُ على شابٍّ العام الماضي، وانقدتُ إلى شهوتي، ويا ليتني لم أتعرف عليه أصلًا؛ فقد قبلني، وداعبني، وقام بتصوير فيديو لي وله، ولم أكن أعلم، أنا لم تمض علاقتي به إلا أيامًا، وانفصلت عنه؛ لأني تداركتُ غلطتي، وتبت إلى ربي، وابتعدت عنه، وعن أي شيء يمكن أن يرجعني إليه؛ لأني بذلك أعصي ربي، رَجَعَ هذه السنة، واتصل بصديقة لي، وقال لها: يجب أن تعلم صديقتك أني أحتاجها؛ لأن له غرضًا يخصني، عندما اتصلت به، بدأ يهددني بالفيديو، فما الحل يا شيخنا؟ فقد بدأت أختنق، وأحس أني رجعت إلى تلك الأيام السوداء، وأنا في طريق الارتباط؛ أرجوك يا شيخنا أعطني الحل. والسلام عليكم،،
نص السؤال:
كنت تعرفتُ على شابٍّ العام الماضي، وانقدتُ إلى شهوتي، ويا ليتني لم أتعرف عليه أصلًا؛ فقد قبلني، وداعبني، وقام بتصوير فيديو لي وله، ولم أكن أعلم، أنا لم تمض علاقتي به إلا أيامًا، وانفصلت عنه؛ لأني تداركتُ غلطتي، وتبت إلى ربي، وابتعدت عنه، وعن أي شيء يمكن أن يرجعني إليه؛ لأني بذلك أعصي ربي، رَجَعَ هذه السنة، واتصل بصديقة لي، وقال لها: يجب أن تعلم صديقتك أني أحتاجها؛ لأن له غرضًا يخصني، عندما اتصلت به، بدأ يهددني بالفيديو، فما الحل يا شيخنا؟ فقد بدأت أختنق، وأحس أني رجعت إلى تلك الأيام السوداء، وأنا في طريق الارتباط؛ أرجوك يا شيخنا أعطني الحل. والسلام عليكم،،
الإجابة:
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فأولُ شيْءٍ أدعوكِ إليه هو الثَّبَاتُ على تَوْبَتِكِ، وعدمُ الاستجابةِ لابتزاز ذلكِ الشابِّ، وكوني على يقينٍ جازمٍ من أن الله - تعالى - سيجعلُ لَكِ فَرَجًا وَمَخْرَجًا؛ ما دامت توبتُكِ صادقةً، فكما أن الذُّنوب سببٌ لجلب العار، فكذلك التوبةُ النصوحُ سببٌ لسَتْرِ اللهِ عَلَى العبد؛ قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3]، وقال تعالى: {إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج: 38]؛ فإحسان الظن بالله - تعالى - يرفع الخوف، وقد أخبر عن نفسِهِ سبحانه: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3]؛ أي: فهو كافيه، فلا تخافي من هذا، فهو أقلُّ مِنْ أن يُخَافَ منه، وغيِّرِي رَقْمَ هاتفك، سيندحِرُ بإذن الله تعالى، ومَتَى عَلِمَ منكِ العفافَ والصيانة، وأنكِ لا تستجيبين لِمَا يُريدُ منكِ، فَسَيَيْأَسُ منك بإذن الله تعالى، وَعَلَى فَرْضِ أنه حَدَّثَ أحدًا، فَبِإِمْكَانِكِ أن تُنكري مستعملةً المعاريض من الكلام؛ أي: الكلام الذي يُفهَم منه خلافُ ما تقصدينه، وإن احتجْتِ إلى الكَذِبِ في مثل هَذَا المقام، فإن من العلماء من رَخَّصَ في الكذب، إذا احتيج إليه؛ لمقصودٍ مُبَاحٍ صحيحٍ، ولم يَجِدِ المتكلمُ كلامًا غير الكذب، ففي هذه الحالة يُبَاحُ استعمالُهُ بقدر الحاجة؛ فَلَكِ أن تستعمليه لدفْعِ ذلك عن نفسك.
واحذري أن تجعلي لهذا الرجل عليكِ سبيلًا بسبب استدراجِكِ، أو تخويفِكِ، فإنكِ إذا جُرِرْتِ إلى شيء، ستندمين حين لا ينفع الندم، وسيكونُ الخوفُ أعظمَ، والضررُ أكبرَ؛ فسُدِّي الباب، واقطعي عليه الطريق من أوله، ولن تَجِدِي بإذن الله - تعالى - إلا خيرًا، فإن الله - تعالى - سيتولى حمايَتَكِ، وحراسَتَكِ.
حافظي على قراءة "قل هو الله أحد"، و"المعوذتين"، عند الصباح، وعند المساء؛ ثلاث مرات؛ كما أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك، وقال: ((تَكْفِيكَ مِن كُلِّ شَيْءٍ))؛ رواه أبو داود، ومعناه أنها تكفي قارئها من كل شيء يخافُهُ؛ من الظلم، والهمِّ، والحَزَنِ.
واظِبِي على الدُّعاء في ثُلُثِ الليل الأخير؛ وقتَ النزولِ الإلهي؛ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((يَنْزِلُ رَبُّنَا - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي، فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي، فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي، فَأَغْفِرَ لَهُ؟))؛ متفق عليه.
وأكثري من قول: "حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ"، وقول: "لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ"، "وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ"، و"أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، وأعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، و"أَعُوذُ بِوَجْهِ اللهِ الْعَظِيمِ، الَّذِي لَيْسَ شَيْءٌ أَعْظَمَ مِنْهُ، وَبِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ، وَبِأَسْمَاءِ اللهِ الْحُسْنَى كُلِّهَا مَا عَلِمْتُ مِنْهَا، وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَبَرَأَ وَذَرَأَ، وَمِن شَرِّ مَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَمِن شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِن شَرِّ مَا ذَرَأَ في الأَرْضِ، وَمِن شَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنهَا، وَمِن شَرِّ فِتَنِ الليلِ والنَّهَارِ، وَمِن شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيرٍ، اللَّهُمَّ احرُسْنِي بِعَيْنِكَ التِي لَا تَنَامُ، واكْفِنِي بِرُكْنِك الذي لَا يُرام، وارْحَمْنِي بِقُدْرَتِكَ عليَّ، لَا نَهْلِكُ وَأَنتَ رَجَاؤُنَا".
وحافظي على أذكار الصباح والمساء، وقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَيَضُرَّهُ شَيْءٌ))؛ رواه الترمذي، وغيره.
وواظبي على صلاة أربع ركَعَاتٍ من الضُّحى؛ فَفِي الحديث القُدُسِيِّ: ((يَا ابْنَ آدَمَ، صَلِّ لِي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، أَكْفِكَ آخِرَهُ))؛ رواه أحمد، وابن حبان، والطبراني، وقال المنذري، والهيثمي: "رجال أحمد رجال الصحيح".
وأكثري من الدُّعاء الوارد في الحديثين: عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: ((إِذَا كَانَ عَلَى أَحَدِكُمْ إِمَامٌ يَخَافُ تَغَطْرُسَهُ، أَوْ ظُلْمَهُ، فَلْيَقُلِ: "اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ، وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، كُنْ لِي جَارًا مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَأَحْزَابِهِ مِنْ خَلَائِقِكَ؛ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ، أَوْ يَطْغَى، عَزَّ جَارُكَ، وَجَلَّ ثَنَاؤُكَ، وَلَا إِلَهَ إلا أنت))؛ رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ((إِذَا أَتَيْتَ سُلْطَانًا مَهِيبًا، تَخَافُ أَنْ يَسْطُوَ بِكَ. فَقُلِ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَعَزُّ مِنْ خَلْقِهِ جَمِيعًا، اللهُ أَعَزُّ مِمَّا أَخَافُ وَأَحْذَرُ، أعوذ بِاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، الْمُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ أَنْ يَقَعْنَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ؛ مِنْ شَرِّ عَبْدِكَ فُلَانٍ، وَجُنُودِهِ، وَأَتْبَاعِهِ، وَأَشْيَاعِهِ مِنَ الْجِنِّ، وَالْإِنْسِ، اللَّهُمَّ كُنْ لِي جَارًا مِنْ شَرِّهِمْ، جَلَّ ثَنَاؤُكَ، وَعَزَّ جَارُكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ؛ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ))؛ رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، والبخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
وأسأل الله العليَّ الأعلَى أن يحرُسَكِ بعينه التي لا تَنَامُ، وأن يكنَفكِ بِرُكْنِه الذي لا يُرام، وأن يحْفَظَكِ بِعِزِّهِ الذي لا يُضَامُ، وأن يكفيَكِ شَرَّ كُلِّ ذي شَرٍّ، وأن يَرَحَمَنَا بِقُدْرَتِهِ عَلَيْنَا، لَا نَهْلِكُ وَأَنتَ رَجَاؤُنَا،، آمينَ.