المقاطع الاباحية

منذ 2021-08-28
السؤال:

اخي الكريم انا مراهق واريد التوبة الى الله عز وجل ولكن اني قد وضعت اعجاب على مقطع اباحي ولا اقدر ان ازيله ولقد ندمت كثيرا فا ما علي ان افعل وهل يضل علي اثم ذالك؟

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فإن مشاهدة المقاطع الإباحية محرم من كل وجه، وتكمن خطورته في فتح باب الشر على مصراعيها حتى تطلب النفس فعل الفاحشة الكبر، وهو من هذا الوجه قد يصل حد الكبائر أو يزيد.

أما التوبةُ النصوحُ والاستغفار والإقلاع عن الذنب، والعزمُ على عدم العود إليه، والندمُ على ما فات، فيكفي في مغفرة الذنب، ولا يلزم ازالة الإعجاب، بل لا يجوز حتى لا تشاهد المقطع ثانية، فالله تعالى يقبل التوبة الصادقة، ويغفر الذنب مهما عظم؛ لأن عفو الله ومغفرتَهُ أعظم، ورحمته بعباده أوسع، وقد وعد التائبين بقبول توبتهم، مهما بلغت ذنوبهم، فقال - سبحانه وتعالى -: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{ [الزمر: 53]، وقال – تعالى -:{وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الفرقان:67-70]، وقال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور31]، وقال: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } [الشورى: 25].

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يَبْسُطُ يَدَهُ بالليل؛ ليتوب مسيءُ النهار، ويَبْسُطُ يَدَهُ بالنهار؛ ليتوب مسيءُ الليل حتى تَطْلُعَ الشمس من مغرِبِهَا"؛ رواه مسلمٌ من حديث أبي موسى، وروى ابن ماجه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو : "التائب من الذنب، كمن لا ذنب له".

مع الابتعاد عن كل ما من شأنه يرجعك عن التوبة، واصدق الالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء، وتحر أوقات الإجابة، وأكثر من الأعمال الصالحة، مع المحافظة على الفرائض خصوصًا الصلاة في جماعة، والإكثار من النوافل؛ قال الله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114].

هذا؛ ومن أفضل ما يعينك على تخطي تلك المرحلة العمرية استحضار العقل دائمًا، وإعمال الفكر، والحذر من تغيبه عند غلبة الشهوة؛ فإن الاسترسال مع الشهوة تغطي عين الفكر، حتى لا يفكر في عواقب الأمور، والتي منها شؤم المعصية، والوحشة التي تصيب القلب بعد المعصية.

وإنما فضل العقل بتأمل العواقب؛ فأما القليل العقل؛ فإنه يرى الحال الحاضرة، ولا ينظر إلى عاقبتها، فإن اللص يرى أخذ المال، وينسى قطع اليد! والبطال يرى لذة الراحة، وينسى ما تجني من فوات العلم وكسب المال، فإذا كبر فسئل عن علم؛ لم يدر، وإذا احتاج، سأل؛ فذل، فقد أربى ما حصل له من التأسف على لذة البطالة، ثم يفوته ثواب الآخرة بترك العمل في الدنيا. وكذلك شارب الخمر، يلتذ تلك الساعة، وينسى ما يجني من الآفات في الدنيا والآخرة! وكذلك الزنا؛ فإن الإنسان يرى قضاء الشهوة، وينسى ما يجني من فضيحة الدنيا والحد؛ قاله ابن الجوزي في صيد الخاطر (ص: 486)

منها: المواظبة على ما يعتصم به من الشيطان وتطرده ويستدفع شره ويحترز كآية الكرسي فمن قرأها عند النوم لم يقربه شيطان، وأن من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة كفتاه، والمداومة على قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، مائة مرة صباحا ومساءا فمن قالهن كانت له حرزاً من الشيطان يومه كله. ومن أعظم ما يندفع به شره قراءة المعوذتين، وكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول «أعوذ بالله السميع العليم، من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه»، وأول الصافات وآخر الحشر.

 منها العمل على زيادة الإيمان بالمواظبة على الأعمال الصالحة؛ فالإنسان لا يفعل الحرام إلا لضعف إيمانه ومحبته وإذا فعل مكروهات الحق فلضعف بعضها في قلبه أو لقوة محبتها التي تغلب بعضها فالإنسان لا يأتي شيئا من المحرمات كالفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق والشرك بالله مالم ينزل به سلطانا والقول على الله بغير علم إلا لضعف الإيمان في أصله أو كماله أو ضعف العلم والتصديق وإما ضعف المحبة والبغض، لكن إذا كان أصل الإيمان صحيحا وهو التصديق فإن هذه المحرمات يفعلها المؤمن مع كراهته وبغضه لها فهو إذا فعلها لغلبة الشهوة عليه فلا بد أن يكون مع فعلها فيه بغض لها وفيه خوف من عقاب الله عليها وفيه رجاء لأن يخلص من عقابها إما بتوبة وإما حسنات وإما عفو وإما دون ذلك وإلا فإذا لم يبغضها ولم يخف الله فيها ولم يرج رحمته فهذا لا يكون مؤمنا بحال بل هو كافر أو منافق". قاله شيخ الإسلام في قاعدة في المحبة (ص: 104)

ومنها: مراقبة الله تعالى وهو مقام الإحسان أعلى مراتب الدين فإن عجزت عنه فالمقام الوسط وهو مقام الإيمان برؤية الله لعبده؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: عن الإحسان، قال: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك»، فتيقن العبد باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه وأنه رقيب عليه، ناظر إليه، سامع لقوله مطلع على عمله كل وقت وكل لحظة، وكل نفس وكل طرفة عين: استحي من الله فلم يعصه، ومن راقب الله عصمه من الوقوع في الحرام.

ومنها: تقوية الإيمان بالله واليوم الآخر، فالإيمان بهما يحضُّ على فعل ما يحبه الله ورسوله، وينهى عما يبغضه الله ورسوله، ومن ضعف إيمانه بالله واليوم الآخر، وقع في الحرام،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 4
  • 1
  • 3,224

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً