هل يجب الوضوء من الإفرازات المستمرة

منذ 2021-09-27
السؤال:

انا عندي افرازات تنزل باستمرار فهل يجب كل صلاة مسحها ثم الوضوء او الوضوء فورا

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فالراجح من قولي أهل العلم هو طهارة رطوبة فرْج المرأة (الإفرازات)، وهو مذهب أبي حنيفة وهو الصَّحيح من المذهب مطلقًا عند الحنابِلة، قال المرداوي في "الإنصاف"، وذهب المالكيَّة، والرواية الأخرى عند الحنابلة إلى نجاسة رطوبة الفرْج.

والدليل على هذا أن الأصل الطهارة؛ فلا ينقل عنها إلا ناقل صحيح لم يُعارضه ما يساويه أو يُقدم عليه، فلا يحكم بالنجاسة إلا بدليل شرعي، وأيضًأ فإن إفرازت المرأة مما تعمُّ به البلوى، سواءٌ في عصرِنا أم في عصر النبوَّة، فلو كان نجسًا أو ناقضًا، لبيَّنه النبيُّ بيانًا عامًّا غير خافٍ.

وقال ابن قدامة في "المغني": "وفي رطوبة فرْج المرأة احتِمالان: أحدُهما: أنَّه نجس؛ لأنَّه في الفرْج لا يخلق منه الولد، أشبه المذي.

والثَّاني: طهارته؛ لأنَّ عائشة كانت تفرك المنيَّ من ثوب رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو من جِماع؛ فإنَّه ما احتلم نبيٌّ قط، وهو يلاقي رطوبة الفرْج، ولأنَّنا لو حكمْنا بنجاسة فرج المرأة، لحكمنا بنجاسة منيِّها؛ لأنَّه يخرج من فرجها، فيتنجس برطوبته".

والراجح أنها أنَّها لا تنقض الوضوء؛ لأنَّ من توضَّأ وضوءًا صحيحًا، فقد تمَّت طهارته بيقين، ولا ينتقل عنْه إلاَّ بنصٍّ صحيح؛ بل قد صحَّ عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لا وضوءَ إلاَّ من صوت أو ريح))؛ رواه أحْمد والتِّرمذي، وروى مسلم نحوَه.

وعن أبي هُرَيْرة قال: "لا وضوء إلاَّ من حدثٍ"؛ رواه البخاري معلَّقًا.

قال أبو محمَّد بن حزْم في "المحلَّى" - بعد ما ذكر أنَّ رطوبة فرْج المرأة لا تنقُض الوضوء -: "بُرهان إسقاطِنا الوضوءَ من كلِّ ما ذكرنا: هو أنَّه لم يأتِ قرآنٌ ولا سنَّة ولا إجماع بإيجاب وضوءٍ في شيء من ذلك، ولا شرعَ الله - تعالى - على أحدٍ من الإنس والجنِّ إلاَّ من أحد هذه الوجوه، وما عداها فباطل، ولا شرع إلاَّ ما أوجبه الله - تبارك وتعالى - وأتانا به رسولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم".

قال الشَّوكاني في "نيل الأوطار"، تعليقًا على حديث عن معاوية، قال: قلتُ لأم حبيبة: هل كان يصلِّي النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الثَّوب الذي يجامع فيه؟ قالت: "نعم، إذا لم يكُنْ فيه أذى"؛ رواه أحمد وأبو داود والترمذي:

"ومن فوائدهِما - كما قال ابن رسلان في "شرح السنن" -: طهارة رطوبة فرْج المرأة؛ لأنَّه لم يذكُر هنا أنَّه كان يغسل ثوبَه من الجِماع قبل أن يصلِّي؛ لو غسله لنُقل، ومن المعلوم أنَّ الذَّكر يخرج وعليْه رطوبة من فرْج المرأة". اهـ.

وعليْه؛ فلا يجب مسح الإفرازاتِ قبل الوضوء أو غسلها، فهي لا تنجِّس المحلَّ ولا الثِّياب ولا تنقُض الوضوء؛ ل،،والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 8
  • 0
  • 5,911

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً