إنشاء حساب باسماء مسلمات للمحادثات الجنسيه
السلام عليكم يوجد صديق لي يقوم بعمل حساب با سم بنات مسلمات محجبات او منقبات ويقوم بمحادثات جنسيه مع شباب مسيحيين وغيرهم زنا انترنت واحيانا يقوم الذين يحدثهم بسب الاسلام وكلما يتوب تسول له نفسله ويغريه الشيطان ويعود مره اخري السؤال اولا هل بتلك الافعال يكفر بالله ثانيا هل له من توبه
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعدُ:
فالذي يظهر من السؤال أن الشخص المذكور يعاني من الشذوذ الجنسي حيث إنه ينتحل صفة الإنثى، ووصفه لنفسه بأنه امرأة محجبة أو منتقبة، من حب اشاعة الفاحسة في الذين آمنوا؛ وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور: 19]، فقدذم الله من أحب وقوع الفاحشة في المؤمنين، طاعة لإبليس، وحسدًا أو بغضًا للذين آمنوا، وهذه المحبة قد لا يقترن بها قول ولا فعل، فكيف إذا اقترن بها قول أو فعل؟ وهذا الفعل من الكبائر، أعني الفرح والسرور بأذى المسلمين، والشماتة بمصيبتهم، ومحبة أن تشيع الفاحشة فيهم، وحسدهم على ما آتاهم الله من فضله، وتمني زوال ذلك عنهم، وتوابع هذه الأمور التي هي أشد تحريما من الزنا، وشرب الخمر وغيرهما من الكبائر الظاهرة.
فالواجب على الشخص المذكور الفرار إلى الله بالتوبة النصوح قبل أن يحال بينه وبين التويبة، وليكف عن التعرض للفتن، والاستمتاع بما حرمه الله الموسيقا والأغاني، ومشاهدة المحرمات؛ وليصدق اللجوء إلى الله بالدعاء والاستعانة والاستعاذة والتوكل، مع المداومة على الصلاة المفروضة؛ {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45].
أما العودة إلى الذنب كل مرة بعد التوبة والندم، فسببه فساد التوبة.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (16/ 58) قال: "فالتوبةُ النَّصوح هي الخالصة مِن كل غشٍّ، وإذا كانتْ كذلك كائنة فإنَّ العبدَ إنما يعود إلى الذنب لِبَقايا في نفسه، فمَن خرَج مِن قلبه الشبهةُ والشهوة، لَم يعدْ إلى الذنب، فهذه التوبةُ النَّصُوحُ، وهي واجبة بما أمر الله تعالى، ولو تاب العبدُ ثم عاد إلى الذنب قَبِلَ الله توبته الأولى، ثم إذا عاد استحقَّ العقوبةَ، فإن تاب تاب الله عليه أيضًا، ولا يجوز للمسلم إذا تاب ثم عاد أن يُصِرَّ، بل يتوب، ولو عاد في اليوم مائة مرة، فقد روى الإمام أحمدُ في مسنده، عن عليٍّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله يحب العبد المفتن التَّوَّاب))، وفي حديث آخر: ((لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار))، وفي حديث آخر: ((ما أَصَرَّ مَن استغفر، ولو عاد في اليوم مائة مرة))". اهـ.
وقال ابن الجوزي في المدهش (ص: 161): "يا هذا، دبِّرْ دينك كما دبَّرتَ دنياك، لو علق بثوبك مسمار رجعتَ إلى وراء لتُخلصه، هذا مسمارُ الأضرار قد تشبَّث بقلبك، فلو عدتَ إلى الندم خطوتين تخلصتَ".
هذا، ومما يُعين على التخلُّص مِن الدُّخول على تلك المواقع الاستقامة على شرع الله تعالى، ويتحقق ذلك بأمور كثيرة:
منها: استحضار العقل، وإعمال الفكر، وعدم الاسترسال مع تغيبه عند غلبة الشهوة التي تغطِّي عين الفكر، فلا يُفكِّر في عواقب الأمور، والتي منها شُؤم المعصية، وتلك الوحشةُ الرهيبة في القلب بعد ارتكاب المحرَّم.
إنما فضل العقل بتأمُّل العواقب؛ فأما القليلُ العقل فإنه يرى الحال الحاضرة، ولا ينظر إلى عاقبتها، فإن اللصَّ يرى أخْذَ المال، وينسى قطْعَ اليد، والبَطَّال يرى لذة الراحة وينسى ما تجني من فوات العلم وكسب المال، فإذا كبر فسُئل عن علمٍ لم يدرِ، وإذا احتاج سأل فذل، فقد أربى ما حصل له مِن التأسف على لذَّة البطالة، ثم يَفُوته ثواب الآخرة بتَرْك العمل في الدنيا.
وكذلك شارب الخمر يلْتَذُّ تلك الساعة، وينسى ما يَجني من الآفات في الدنيا والآخرة، وكذلك الزنا فإن الإنسانَ يرى قضاء الشهوة، وينسى ما يَجني من فضيحة الدنيا والحدّ؛ قاله ابن الجوزي في صيد الخاطر (ص: 486).
منها: المُواظَبة على ما يَعْتَصِم به من الشيطان ويَطْرُده، ويستدفع شره ويحترز؛ كآية الكرسي، فمَن قرأَها عند النوم لم يَقرَبْه شيطان، وأنَّ مَن قرأ الآيتين مِن آخر سورة البقرة كفتاه، والمداومة على قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، مائة مرة صباحًا ومساءً، فمَن قالَهنَّ كانتْ له حِرْزًا مِن الشيطان يومه كله، ومن أعظم ما يندفع به شره قراءة المعوذتين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، مِنْ هَمْزِه ونَفْخِه ونَفْثِه))، وأول الصافات وآخر الحشر.
ومنها: العمل على زيادة الإيمان بالمُواظَبة على الأعمال الصالحة؛ فالإنسانُ لا يفعل الحرام إلا لضعف إيمانه ومحبته، وإذا فعَل مكروهات الحق فلِضَعْف بعضها في قلبه، أو لقوة محبتها التي تغلب بعضها، فالإنسانُ لا يأتي شيئًا مِنَ المُحَرَّمات كالفواحش ما ظهَر منها وما بطن، والإثم والبغي بغير الحق، والشرك بالله مالم ينزلْ به سلطانًا، والقول على الله بغير علمٍ - إلا لِضَعْفِ الإيمان في أصله، أو كماله، أو ضعف العلم والتصديق، وإما ضعف المحبة والبغض، لكن إذا كان أصلُ الإيمان صحيحًا وهو التصديقُ، فإنَّ هذه المحرَّمات يفعلها المؤمن مع كراهته وبُغْضِه لها، فهو إذا فَعَلها لغلبة الشهوة عليه فلا بد أن يكونَ مع فعلها فيه بُغض لها، وفيه خوف من عقاب الله عليها، وفيه رجاء لأن يخلصَ مِن عقابها، إما بتوبةٍ، وإما حسناتٍ، وإما عفو، وإما دون ذلك، وإلا فإذا لم يبغضها، ولم يخف الله فيها، ولم يرج رحمته، فهذا لا يكون مؤمنًا بحال، بل هو كافر أو منافق"؛ قاله شيخ الإسلام في قاعدة في المحبة (ص: 104).
ومنها: مُراقبة الله تعالى، وهو مقامُ الإحسان، أعلى مراتب الدين، فإن عجزت عنه فالمقام الوسط، وهو مقامُ الإيمان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الإحسان: ((أن تعبدَ الله كأنك تراه، فإن لم تكنْ تراه فإنه يراك))، فتيقُّن العبدِ باطِّلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه وأنه رقيب عليه، ناظر إليه، سامع لقوله، مطلع على عمله كل وقت وكل لحظة، وكل نفس وكل طرفة عين، فمَن راقَب الله هكذا عصمه الله مِن الوقوع في الحرام.
هذا؛ ومن تمام توبته الإكثار من الاستغفار، والأعمال الصالحة، وأغلاق الحساب لك على مواقع التواصل، مع الثقة مِن أن الله تعالى غفورٌ رحيمٌ، بَرٌّ كريمٌ، يُقابل التوبة بالمغفرة مهما كان الذنبُ كبيرًا، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهِّرين، ولذلك كانت التوبة من أفضل الكمالات، وهي واجبةٌ على جميع الخلْق؛ كما قال تعالى: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا * لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب: 72، 73]، فغايةُ كل مؤمنٍ هي التوبة، وليكثر من الأدعية المأثورة:
كما في الصحيحين: ((اللهمَّ باعِدْ بيني وبين خطاياي كما باعدتَ بين المشرق والمغرب، اللهم نقِّني من الخطايا كما يُنَقَّى الثوب الأبيض من الدنَس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والبرد والماء البارد))، وفي الصحيح: ((اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمتُ نفسي، واعترفتُ بذنبي، فاغفرْ لي ذنوبي جميعًا؛ إنه لا يغفِرُ الذنوب إلا أنت))، وفي الصحيح أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: ((اللهم اغفر لي ذنبي كُلَّه؛ دِقه وجِلَّه، علانيته وسرَّه، أوله وآخره))، وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: ((اللهم اغفر لي خطيئتي، وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي هزلي، وجدي، وخطئي، وعمدي، وكل ذلك عندي، اللهم اغفرْ لي ما قدمتُ وما أخَّرت، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أسرفتُ، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدِّمُ وأنت المؤخِّرُ، لا إله إلا أنت)).
أما كون هذه الأفعال تؤدي إلى الكفر ففي حالة واحدة وهي إن رضي فعلهم من سب الإسلام، أما إن كرهه وانكر عليهم فلا يكفر،، والله أعلم.
- المصدر: