طلاق المعقود عليها بعد جماعها
السلام عليكم شيخنا انا كتبت كتابي على فتاه مطلقه وكان كتب الكتاب داخل المنزل من قبل شيخ بحضور اخوها وامها واثنين شهود من طرفي لان الاب متوفي وتم اشهار كتب الكتاب بين الاهل على انه خطبه وطبيعه شغلي لايسمح بكتابته في المحكمه لاني بحاجه لموافقة امنيه وكانت هي ساكنه لوحدها وكنت اتردد عندها ع البيت وحصل بيننا جماع وبعد فتره حصل بيننا نزاع وطلبت الطلاق وطلقتها طلقه واحده هل يحق لي ان اعيدها لذمتي علما انه لم يمض عليها العده الشرعيه وكان رمي اليمين من الغضب والزعل مع كل الاحترام
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فإن كان الحال كما ذكرت أن عقد الزواج قد تَمَّ بحضور الولي والشهود، فالزواج صحيح ويترتب عليه جميع الحقوق الشرعية بين الزوجين؛ مِن الخلوة الصحيحة والاستمتاع، وغير ذلك مما يكون بين الزوجين، ولا يتوقف ذلك على الزفاف، وإن كان العرف المعتبر عند عامة المسلمين أنه ليس للزوج أن يجامع زوجته حتى تزف إليه زوجته، ولكن إن حصل الجماع -كما هو الحال في السؤال - ثم طلت الزوجة فإن عليها العدة وهي ثلاث حيضات، ليتمكن الزوج من ارتجاعها في العدة إن شاء، ولها المهر كاملاً، بل قد نصّ أهل العلم على أن الخَلْوة الصحيحة - التي ينفرد فيها الزوجان في مكان يمكن فيه الجماع - وإن لم يحصل الجماع - أن لها حكم المدخول بها؛ إذا ثبتت بالإقرار أو بالبينة؛ على الراجح من أقوال أهل العلم؛ فَيَسْتَقِر بها المهرُ- كاملاً - وتجب بها العدة؛ وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الثابت عن الخلفاء الراشدين،واستدل جمهور الفقهاء بأدلة منها: - قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء:21]؛ والإفضاءُ مأخوذ من الفضاء، وهو الخالي؛ فكأنه قال: وقد خَلا بعضُكم إلى بعض.إذا تقرر هذا، فإن الطلاق قد وقع رجعيًّا، ويجوز ارتجاع الزوجَة قبلَ انقضاءِ عِدَّتِها، ويكون بالكلامِ، أو بالمراسلةِ مع القصد.
قالَ ابنُ قدامةَ في "المغني" (ج 17 / ص 72): "فأمَّا القولُ، فتحصُلُ به الرجعةُ، بغيرِ خلافٍ.
وألفاظُهُ: راجعتُكِ، وارتجعتُكِ، ورددتُكِ، وأمسكتُكِ؛ لأن هذه الألفاظَ وَرَدَ بها الكتابُ والسنةُ، فالردُّ والإمساكُ، وَرَدَ بهما الكتابُ بقولِهِ - سبحانه -: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}، وقالَ: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}، يعني: الرجعةَ.
والرجعةُ وَرَدَتْ بها السنةُ بقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "مُرْهُ فليُراجِعْها"، وقد اشتَهَرَ هذا الاسمُ فيها بينَ أهلِ العُرْفِ، كاشتِهارِ اسمِ الطلاقِ فيهِ، فإنَّهم يسمُّونها رجعةً، والمرأةُ رجعيةً.
ويتخرَّجُ أن يكونَ لفظُها هو الصريحَ وحدَه؛ لاشتِهَارِهِ دونَ غيرِهِ، كقولِنا في صريحِ الطلاقِ، والاحتياطُ أن يقولَ: راجعْتُ امرأتي إلى نكاحي، أو زوجتي، أو راجعتُها لما وَقَعَ عليها من طلاقِي". اهـ.
كما يجب الإشهاد على الرجعة؛ لقولِهِ – تعالى -: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [سورة الطلاق الآية:2]، وروى أبو داود وابن ماجه عن عمران بن حُصين: سئل عن الرجُل يطلِّقُ المرأة ثمَّ يقع بِها، ولَم يُشْهِد على طلاقِها ولا على رجْعَتِها، فقال: "طلَّقت لغير سنَّة، ورجعتَ لغيْرِ سنَّة، أشهِدْ على طلاقِها، وعلى رجْعَتِها، ولا تعُدْ)).
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في "الفتاوى": وقال تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [الطلاق: 2]، فأمرَ بالإشْهاد على الرَّجعة، والإشهاد عليْها مأمورٌ به باتِّفاق الأمَّة، قيل: أمر إيجاب، وقيل: أمر استحباب، وقد ظنَّ بعض النَّاس أنَّ الإشهاد هو الطَّلاق، وظنَّ أنَّ الطَّلاق الذي لا يُشْهَد عليه لا يقع، وهذا خِلاف الإجماع، وخِلاف الكتاب والسنَّة، ولم يقل أحدٌ من العلماء المشْهورين به؛ فإنَّ الطَّلاق أذن فيه أوَّلاً، ولم يأمر فيه بالإشهاد، وإنَّما أمر بالإشْهاد حين قال: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2]، والمراد هنا بالمفارقة: تخْلية سبيلِها إذا قضت العدَّة، وهذا ليْس بطلاق ولا برجعةٍ ولا نكاح، والإشهاد في هذا باتِّفاق المسلمين، فعُلم أنَّ الإشْهاد إنَّما هو على الرجعة". اهـ.
أما طلاق الغضبان فقد سبق بيانه في الفتويين: "حكم طلاق الغضبان"، "هل يقع طلاق الغضبان؟"،، والله أعلم.
- المصدر: