الإفطار لمرضى السكر

منذ 2022-04-12
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فضيلة الشيخ الكريم انا اعاني من مرض السكر بالهبوط واحيانا ارتفاع بالضغط ولكن عندما اصوم واذهب للعمل ومشقته تحصل معي غشاوة وتعب واخشى من ذلك فاقوم بالافطار ولكن دايم مايتكرر هذا الشي معي فما الحكم في ذلك وهل يجوز لي الافطار وماذا علي في ذلك جزاكم الله خير واثابكم الله وشكرسعيكم

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فقد أجمع أهل العلم على أن الصيام يَسْقُط بالعجز، وعلى أن المريض الذي يَلحقه ضرر بسبب الصيام، أو يزداد مرضه، أو يشق معه الصوم، أو تخشى زيادة المرض، أو تأخر البرء-: فإنه يفطر؛ وتقدير ذلك إلى المريض نفسه، أو إخبار الطبيب الثقة؛ قال الله تعالى {مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]، وقوله: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 173]، وقال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195].

والشارعُ الحكيم نهانا عن إهلاك أنفسنا؛ فقال: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29]، وقد استدل بتلك الآية الكريمة الصحابيُّ الجليل عمرو بن العاص على تَرْك الغسل لما احتلم في بعض أسفاره وخاف الهلاك على نفسه مِن الاغتسال، فتَيَمَّم وصلى بأصحابه، وأقره النبيُّ صلى الله عليه وسلم.

كما أن الشريعةُ الإسلامية السمحة قامتْ على التيسير ورَفْع الحرج، وأنَّ المشقة تجلب التيسير، وأنَّ الضرر يُزال، فلم يُكَلِّفْنا الله مِن أمرنا عُسرًا، فيسقط كل ما عجَز المسلم عنه، ولا يجب إلا ما كان في الإمكان؛ كما قال تعالى:  {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} [النساء: 28]، وقال: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة: 6]، وقال: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78].

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ خير دينكم أيسره، إنَّ خير دينكم أيسره))، وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ الدين يُسْرٍ، ولن يشادَّ الدين أحد إلا غلبه)).

قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (3/ 155)-: "أجْمَع أهلُ العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة، والأصل فيه قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]، والمرضُ المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم، أو يخشى تباطؤ بُرئه.

قيل لأحمد متى يفطر المريض؟ قال: إذا لم يستطع، قيل: مثل الحمى؟ قال وأي مرض أشد من الحمى".اهـ.

وقال أيضًا(3/ 151): "والمريض الذي لا يرجى برؤه يفطر، ويطعم لكل يوم مسكينًا؛ لأنه في معنى الشيخ... وإنما يصار إلى الفدية عند اليأس من القضاء، فإن أطعم مع يأسه، ثم قدر على الصيام، احتمل أن لا يلزمه؛ لأن ذمته قد برئت بأداء الفدية التي كانت هي الواجب عليه، فلم يعد إلى الشغل بما برئت منه، ولهذا قال الخرقي: فمن كان مريضًا لا يرجى برؤه، أو شيخًا لا يستمسك على الراحلة، أقام من يحج عنه ويعتمر، وقد أجزأ عنه، وإن عوفي". اهـ.

وقال الإمام النووي في – "المجموع شرح المهذب" (6/ 258)-: "المريض العاجز عن الصوم لمرض يرجى زواله، لا يلزمه الصوم في الحال، ويلزمه القضاء، هذا إذا لحقه مشقة ظاهرة بالصوم، ولا يشترط أن ينتهي إلى حالة لا يمكنه فيها الصوم، بل قال أصحابنا: شرط إباحة الفطر، أن يلحقه بالصوم مشقة يشق احتمالها، قال أصحابنا: وأما المرض اليسير الذي لا يلحق به مشقة ظاهرة، لم يجز له الفطر بلا خلاف عندنا". اهـ. مختصرًا.

وعليه؛ فيجوز للسائل أن يفطر في رمضان، وأن يسأل الطبيب المسلم عن إمكانية الصوم فإن أخبره أن مرضه مزمن ولا يرجى برؤه، جاز له الفطر وأن يطعم عن كل يوم مسكينًا،،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 6
  • 0
  • 1,262

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً