حكم صلاة المرأة المعتدة في المسجد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فضيلة الشيخ حفظكم الله ورعاكم .. والدتي معتدة حالياً بعد وفاة والدي -رحمه الله- فهل يجوز لها الصلاة في المسجد وخصوصاً في هذه الأيام المباركة "صلاة التراويح والتهجد" ؟ حيث أنها في حالة حزن وملل وربما ذهابها للمسجد يخفّف عنها من الحالة التي تعيشها ، علماً أن المسجد أمام منزلي أنا إبنها .
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فالمرأة المتوفَّى عنها زوجُها يلزمها البقاء في بيت الزَّوجيَّة إلى أن تكمل العدَّة، فلا تنتقل منه إلى غيره إلاَّ لضرورة أو حاجة شديدة أو مصلحة راجحة.
وعدَّتُها أربعةُ أشهُر وعشر، بإجْماع المسلمين؛ لقوله – تعالى -: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} [البقرة: 234].
وإن كانت حاملًا، فعدَّتُها تنتهي بوضْع الحمْل؛ لقولِه – تعالى -: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4].
قال ابن قدامة في "المغني" (ج 18 /ص 44): "وممَّن أوجب على المتوفَّى عنْها زوجُها الاعتداد في منزلها: عمر وعثمان - رضِي الله عنْهُما - ورُوي ذلك عن ابن عمر، وابن مسعود، وأمِّ سلمة، وبه يقول مالك والثوري والأوزاعي، وأبو حنيفة والشافعي وإسحاق، وقال ابن عبدالبر: وبه يقول جماعةُ فقهاء الأمصار بالحجاز والشام والعِراق ومصر.
وقال جابر بن زيد والحسن وعطاء: تعتدُّ حيثُ شاءت، ورُوي ذلك عن علي، وابن عبَّاس، وجابر، وعائشة - رضي الله عنهم". اهـ.
أما خروج المعتدَّة فها أن تخرج بالنهار، ولكن لها أن تخرج ليلاً إذا وُجد عذرٌ يُرخص لها في ذلك: كمراجعة الأطباء، أو إزالة الوحشة الحاصلة لها بطول المكث، أو إجراء الحوائج التي لا تجد من يقوم لها بها، كالمعاش، أو لضرورة العلاج، ونحو ذلك، لأن الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة؛ وقد قال الله - عز وجل -: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة:173]، ولكن تعود للمبيت في بيتها.
جاء في "المغني" (ج 18 /ص 44): "فإنْ خافت هدمًا أو غرقًا، أو عدوًّا أو نحو ذلك، أو حوَّلها صاحب المنزل لكونِه عارية رجع فيها، أو بإجارة انقضت مدَّتها، أو منعها السُّكْنى تعدِّيًا، أو امتنع من إجارته، أو طلب به أكثر من أجرة المثل، أو لم تجِدْ ما تكتري به، أو لم تجد إلاَّ من مالها - فلها أن تنتقل؛ لأنَّها حال عذر، ولا يلزمها بذلك أجر المسكن، وإنَّما الواجب عليْها فعل السكنى لا تحصيل المسكن، وإذا تعذَّرت السكنى سقطت، ولها أن تسكن حيث شاءت". اهـ.
إذا تقرر هذا؛ فيجوز للمعتدة من وفاة زوجها حضور صلاة القيام في المسجد، إن كان ذلك أنفع لها وأكثر خشوعًا من صلاتها في بيتها،، والله أعلم.
- المصدر: