حكم الصلاة خلف من لا يكفر الكفار
السلام عليكم يوجد عندنا إمام قال قبل سبعة أشهر أن المجوس ليسو كفرة و أيضا بعدها علمت أنه لا يقول بكفر اليهود و النصارى و أيضا مرة كنا نتكلم عن روايات بني يعقوب فقلت إنهم يقولون إن سليمان أشرك آخر عمره فقال يحتمل أو كما قال يعني لم يقر بقولهم لكن لم يكذب قولهم فما حكم الصلاة خلفه و حكم الجمع التي أديتها خلفه و نحن في قرية و القرية الأخرى تقام فيها الجمعة بعيدة عنا و أظن النداء لن يصل إلينا فهل أصلي يوم الجمعة ظهرا في البيت
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:
فمن المقرر في الشريعة الإسلامية أن من لم يكفر الكافر أو المشركين، أو شك في كفره، أو صحح مذهبه، كَفَرَ، كما أجمع العلماء على كفر من جادل عن المشركين، أو استحسن منهجهم، أو قال إن غير المسلمين يدخلون الجنة؛ لما في هذه الأقوال من رد نصوص الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم.
أما من توقف في تكفير الكافر لشبهة أو جهل أو تأويل فاسد، فإنه لا يكفر حتى تقام عليه الحجة الرسالية، فمن جهل حال بعض الكفار فإنه يعذر بالجهل في عدم تكفيره.
هذا؛ وقد أجمع أهل العلم على كُفر من لم يكفر الكافر الأصلي كاليهود والنصارى، وغيرهم من أعداء الإسلام ممن ينتمون للمذاهب الباطلة كالشيوعية والعلمانية وغيرهم، وكذلك يكفر من شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم؛ لأنه من بديهيات الشريعة أن كل من لم يدن بالإسلام فهو كافر.
وقد قرر تلك القاعدة شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع كثيرة من كتبه، منها "مجموع الفتاوى": 2 / 367 – 368 ]، لما سئل عن كتاب "فصوص الحكم" لابن عربي، وغيره من المشركين، فقال: "..... وأقوال هؤلاء شر من أقوال النصارى، وفيها من التناقض من جنس ما في أقوال النصارى؛ ولهذا يقولون بالحلول تارة وبالاتحاد أخرى وبالوحدة تارة، فإنه مذهب متناقض في نفسه، ولهذا يلبسون على من لم يفهمه؛ فهذا كله كفر باطناً وظاهراً بإجماع كل مسلم، ومن شك في كفر هؤلاء بعد معرفة قولهم ومعرفة دين الإسلام فهو كافر كمن يشك في كفر اليهود والنصارى والمشركين". اهـ.
فاشترط رحمه الله لتكفير من لم يكفرهم: معرفة قولهم وحالهم، ومعرفة دين الإسلام أي الأدلة على كفرهم.
وقال أيضًا -رحمه الله- (2 / 132- 133) في معرض كلامه عن النصيرية: "... ولكن هؤلاء التبس أمرهم على من لم يعرف حالهم، كما التبس أمر القرامطة الباطنية لما ادعوا أنهم فاطميون وانتسبوا إلى التشيع، فصار المتبعون مائلين إليهم غير عالمين بباطن كفرهم، ولهذا كان من مال إليهم أحد رجلين: إما زنديقاً منافقاً، وإما جاهلاً ضالاً". اهـ.
وقال في كتابه "الصارم المسلول على شاتم الرسول" (ص: 586): "أما من اقترن بسبِّه دعوى أن عليًا إله، أو أنه كان هو النبي وإنما غلط جبريل في الرسالة، فهذا لاشك في كفره، بل لاشك في كفر من توقف في تكفيره". اهـ.
وقال محمد بن سحنون -وهو من علماء المالكية- كما في كتاب "الشفا" (2/476) للقاضي عياض: "أجمع العلماء أن شاتم النبي - صلى الله عليه وسلم - المنتقص له كافر، والوعيد جار عليه بعذاب الله له، وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك في كفره وعذابه كفر". اهـ.
وقال العلامة سليمان بن عبدالله في رسالة "أوثق عري الإيمان" وهي ضمن رسائل مجموعة التوحيد(1 / 160)، -في معرض كلامه عن كفر القبوريين-: "... إن كان شاكًا في كفرهم أو جاهلاً بكفرهم، بينت له الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - على كفرهم، فإن شك بعد ذلك وتردد فإنه كافر بإجماع العلماء، على أن من شك في كفر الكفار فهو كافر". اهـ.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/99): "... لا يجوز لطائفة الموحدين الذين يعتقدون كفر عبّاد القبور، أن يكفروا إخوانهم الموحدين الذين توقفوا في كفرهم حتى تقوم عليهم الحجة؛ لأن توقفهم عن تكفيرهم له شبهة، وهي اعتقاد أنه لابد من إقامة الحجة على أولئك القبوريين قبل تكفيرهم، بخلاف من لا شبهة في كفره كاليهود والنصارى والشيوعيين وأشباههم، فهؤلاء لا شبهة في كفرهم، ولا في كفر من لم يكفرهم".
إذا تقرر هذا فلا تجوز الصلاة خلف الإمام المذكور، وإن لم تستطع الذهاب للصلاة في القرية المجاورة بسبب المشقة فالواجب عليك حينئذ أن تصلي الظهر في قريتك،، والله أعلم.
- المصدر: