هل ارسال المقاطع من الزنا الحقيقي
السلام عليكم لقد تعرفت على شخص وفعلت اشياء محرمه معه عبر الهاتف كأرسال مقاطع لجسمي وقول الكلام الجنسي وهو ايضاً قام بأرسال لي فقط لانني احبه ولكي لايذهب هل مافعلته يعتبر زنا ؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فلا شك أن التعري أما الكاميرا من كبائر الذنوب، بل قد دلت السنة المشرفة أن فعل المرأة ما هو أقل من التعري من كبائر الذنوب؛ كما في الصحيح عن أبي هريرة عن رسول الله أنه قال صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها".
ومن المقرر عند أهل العلم أن الكبيرة كل ذنب ختمه الله بنار، أو غضب، أو لعنة، أو عذاب؛ كما ورد عن ابن عباس، وكذلك كل ذنب ترتب عليه عقوبة في الدنيا، أو وعيد في الآخرة، أو لعنة أو غضب، أو نفي إيمان.
وقد أجمع عُلماء الأمَّة مِن السَّلف والخَلَف؛ من الفُقَهاء والمُفسِّرين وأهل الحديث وغيرهم - على تحريم إظهار المرأة لمفاتنها أمام الرجل الأجنبي.
والحاصل أن ما ورد في السؤال هو نتيجةٌ حتميةٌ للاستخدام الخاطئ للإنترنت، ومن الاسترسال مع استِدْراج الشَّيطان؛ وقد قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ} [النور: 21].
الشَّريعة الإسلامية الغراء مبنية على سدَّ الذَّرائع اإلى الحرام، فأمر سبحانه وتعالى بغض البصر عن المحرمات، وونهى عن الحديث المحرَّم، والخلْوة، وغير ذلك من المحرَّمات؛ فقال الله - سبحانه وتعالى -: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: 30]،{فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 32]، كما حرم الخلوة بالأجنبية السفر بغير محرم، وغير ذلك سدًا للذريعة إلى المحرم.
غير أن العلاقة المنحرفة عبر الهاتف ووسائل التواصل ليست من الزنا الحقيقي، وإنما هي من الزِّنا المجازي، كما قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((كُتِبَ على ابْنِ آدم نصيبُه من الزِّنا، مُدرِكٌ ذلك لا محالة، فالعَيْنان زِناهُما النَّظر، والأُذُنان زناهُما الاستِماع، واللِّسان زناه الكلام، واليد زِناها البطْش، والرِّجْل زِنَاها الخُطَى، والقلب يَهوَى ويَتَمنَّى، ويُصَدِّق ذلك الفَرج ويُكَذِّبُهُ))؛ متَّفق عليْه عن أبي هُريْرة.
قال النَّووي - رحِمه الله تعالى - في "شرح مسلم": "إنَّ ابن آدم قدِّر عليْه نصيبُه من الزنا، فمِنْهم مَن يكون زناه حقيقيًّا، بإدْخال الفرْجِ في الفرْج الحرام، ومنهم من يكون زِناه مجازًا، بالنَّظر إلى الحرام، أو الاستِماع إلى الزِّنا وما يتعلَّق بتحصيلِه، أو بالمسِّ باليد، بأن يمسَّ أجنبيَّة بيدِه أو بتقْبِيلِها، أو بالمشْي بالرِّجْل إلى الزِّنا، أو النَّظر، أو اللَّمس، أو الحديث الحرام مع أجنبيَّة، ونحو ذلك، أو بالفِكْر بالقلب، فكل هذه أنْواع من الزِّنا المجازي". اهـ.
أما ما يجب عليك فهو التوبة النصوح والاستغفار والندم، ومن شرط التوبة الإقلاع عن الذنب بالعزم على عدم العود بقطع أي علاقة مع ذلك الشاب.
ومن سَعَة رحْمة الله بعبادِه أنَّ العبد إذا أذْنَبَ ثمَّ ندم وتاب توبةً صادقة ولم يعد للذنب، فإنَّ الله يتوب عليْه، مهْما بلغ ذنبُه، وهذا ؛ قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزَّمر: 53]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الفرقان: 67 - 70]، وقال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].
وعن أنس بن مالك - رضِي الله عنْه - قال: سَمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يقول: ((قال الله - تعالى -: يا ابن آدَم، إنَّك ما دعوْتني ورَجَوْتني، غفرتُ لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابنَ آدم، لو بلغت ذُنُوبُك عنان السَّماء ثمَّ استغفرْتني، غفرتُ لك ولا أبالي، يا ابن آدم، إنَّك لو أتيتَنِي بِقُراب الأرْض خطايا، ثُمَّ لقِيتَني لا تشرك بي شيئًا، لأتَيتُك بقُرابها مغفرة))؛ رواه التِّرْمذي، وصحَّحه الألباني،، والله أعلم.
- المصدر: