العلاقة بين الرّجال والنّساء من أجل الزواج
أنا فتاة عمري عشرون عامًا، أنا فى آخِرِ سَنَةٍ في الدِّراسة الجامِعِيَّةِ وأهْلِي يَرْفُضون أيّ ارتباطٍ قبل انتهاء الدراسة، ولأنَّ لي أختًا أَكْبَرَ مِنِّي، ولَكِنْ هُنَاكَ شَخْصٌ يُرِيدُ الزواجَ بي، وهو حقًّا محترم ويتقي الله، وقُلْتُ له أن يَنْتَظِر حتَّى أنتهي من دراستي، وهى السنة القادمة فقط،ولكنّي لا أعرفُ هل أبْقَى على صلةٍ به أم لا، وللعلم أنا - والحمد لله - أتقي الله. جزاكم اللهخيرًا
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنَّ الإسلامَ قد حَرَّمَ العلاقَةَ بَيْنَ الرّجال والنّساء إلا في ظِلِّ زَوَاجٍ شَرْعِيٍّ، فالإسلام لا يَعْرِفُ ما يُسَمَّى بالصداقة بين الجنسين، وقد سَبَقَ أن بينا ذلك في فتوى: "الحب قبل الزواج".
هذا؛ ونحذِّرُ الأُخْتَ السَّائِلَةَ من إقامة أيّة عَلاقَةٍ أَوْ تَوَاصُلٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ هذا الرَّجُلِ، سواءٌ كانَتْ مُبَاشِرَةً باللقاء، أوْ عَبْرَ الهاتف، أو غير ذلك، فإنَّ مِنْ أَعْظَمِ الأسبابِ الدَّاعِيَةِ إلى الوقوع في الفاحشة الاختلاطَ، أوِ الحديث بِدُون حاجةٍ أوْ ضَرُورَةٍ، فإنَّ الله تعالى سَدَّ كُلَّ بابٍ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُفْضِيَ إِلى الوُقُوعِ فِي الفِتْنَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالمَرْأَةِ، فَحَرَّمَ الخُلْوَةَ بينهما، وأوجب غض البصر على كل منهما، فَفِي الصحيحَيْنِ أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إيَّاكُمْ وَالدُّخولَ على النّساء".
وروى الترمذي وأحمدُ أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَجَدَ الفَضْلَ بْنَ العَبَّاسِ يَنْظُرُ إلى امرأةٍ وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَصَرَفَ بَصَرَهُ عَنْهَا، وقال: "رَأَيْتُ شابًّا وَشَابَّةً فَلَمْ آمَنِ الفِتْنَةَ عَلَيْهِمَا".
وكذلك نَهَى الله تعالى عن الخُضُوعِ في القول فقال تعالى: {فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌوَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْروفاً} [الأحزاب:32] أي لا تِخُاطِبِ المَرْأَةُ الرِّجَالَ الأَجَانِبَ بِصَوْتٍ فيه تَرْخِيمٍ كَمَا تُخَاطِبُ زَوْجَهَا؛ لأنَّ ذَلِكَ مِنْ دَوَاعِي طَمَعِ ضِعافِ القُلُوبِ فِيهِنَّ، وَإِنَّما جاءَ النَّهْيُ عَنْ هَذِهِ الأُمُورِ لأَنَّها وسائِلُ إلى الزِّنا، فالوسائل لها حُكْمُ المَقَاصِدِ، لأَنَّ الذِي يَحُومُ حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، كما جاء عَنِ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - في حديث النّعمانِ بْنِ بَشيرٍ أنَّهُ قال: "وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهاتِ وَقَع في الحَرَامِ، كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فلا يجوز لك أن تَتَحَدَّثِي مع هذا الرَّجُلِ، ولا أَنْ تُراسِلِيهِ، وَلا أَنْ تَلْتَقِي به؛ لأَنَّ المُحَادَثَةَ هاتِفِيَّةً أو غَيْرَها أو المراسلةَ أوِ اللّقاءَ، كُلّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِلْوُقُوعِ في ما وَرَاءَهُ،، والله أعلم.