الأكل من نفايات الأطعمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة أعيش في دولة أجنبيةٍ مع عائلتي، وفي هذه الدولة يَقومون بالتخلُّص مِن المواد الغذائية بإتلافِها كلها؛ حتى لو كان الجزءُ التالفُ صغيرًا؛ فمثلًا: إذا كانتْ ثمرة تفاح واحدة مصابة بضررٍ يقومون بالتخلُّص مِن العلبة كاملة! وهكذا في جميع المواد الغذائية مِن الخبز والفاكهة والخضار.
ثم يقومون بوضعها في حاويات خاصة وإطعامها للحيوانات، فهل يجوز لمن يَعمل في جَمع هذه المواد الغذائية أن يأخُذَ منها (الخبز والفاكهة والخضار) ويُطعم أهلَه؟
إذ يكون هذا الطعامُ كثيرًا على الحيوانات، وحتى لو لم يكفِ فالبريَّةُ مَليئة بالعُشب والحشائش!
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فمما لا شك فيه أنَّ أخذَ الطعامِ والانتفاعَ به أَوْلَى مِن تَرْكِهِ عُرْضَةً للتلَف، وأفضلُ أيضًا مِن إطعامه للحيوانات، بل إنَّ أخذَه يَتَعَيَّنُ إنْ كان تَرْكُه سيؤدِّي إلى إتلافه مع القُدرة على الانتفاع به؛ ففي الصحيحين - واللفظُ لمسلمٍ - عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله يَرْضَى لكم ثلاثًا، ويَكْرَهُ لكم ثلاثًا، فيرضى لكم أنْ تَعْبُدُوهُ، ولا تُشْرِكُوا به شيئًا، وأنْ تَعْتَصِمُوا بحبل الله جميعًا ولا تَفَرَّقُوا، ويكرهُ لكم: قيل وقال، وكثرة السؤالِ، وإضاعةَ المال)).
ومن المقرر أنَّ مِن وُجوب شُكْرِ المُنْعِمِ سبحانه احترامَ نِعْمَتِهِ تعالى، ووَضْعَهَا في المكان اللائق بها، وعَدَمَ تعريضِها للتلَف متى كان ذلك مُمْكِنًا.
وقد ذكرتِ سَلَّمَكِ اللهُ أنَّ هذا العاملَ مُتَيَقِّنٌ أنَّ الطعامَ زائدٌ عن حاجة الحيوانات، وأنَّهُ إِنْ تُرِكَ سَيَتْلَفُ أو يكونُ مَصيرُهُ القمامة، والحيواناتُ - على كل حال - مُسْتَغْنِيَةٌ بِالرَّعْيِ في البَريَّة؛ فلا مانعَ حينئذٍ مِن أَخْذِهِ للطعام؛ لحِفْظِهِ مِنَ التلَف والانتفاعِ به وإطعامِهِ أسرته إن كان الطعامُ صالحًا للأكل.
إذا تَقَرَّرَ هذا؛ فالذي يَظْهَرُ أنَّه يَجوزُ لأيِّ شخصٍ أَخْذُ هذا الطعام، سواءٌ أَطْعَمَهُ أسرته أو أُسَرًا أخرى، أو قدَّمه للمحتاجين؛ فهذا أَوْلَى مِنْ إضاعة المال، ونرجو لِمَنْ فَعَلَ هذا بنيةٍ صالحةٍ أنْ يُؤْجَرَ عليه للحديث السابق،، والله أعلم.
