حكم طلاق النفساء
السلام عليكم ورحمة الله طلقت زوجتي لخلاف بيننا وهي في فترة النفاس ثم علمت بعد ذلك بأنه طلاق محرم وسافرت الي بلد آخر وتزوجت ورجعت بعد سنة ما الحكم الشرعي في هاذ الطلاق .
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن طلاق النفساء منهي عنه بإجماع العلماء وهو طلاق بدعي كالطلاق ثلاثًا، والطلاق في الحيض، أو في طهرٍ جامعها فيه؛ قال الله اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا العِدَّةَ} [الطلاق: 1]، عن عبد الله: طاهرا فى غير جماع.
وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتغيظ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «ليراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسها، فتلك العدة كما أمر الله عز وجل"، وفي روايه عند مسلم: "مره فليراجعها، ثم ليطلقها طاهرا، أو حاملا".
فبين النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يحل له أن يطلقها إلا إذا طهرت من الحيض قبل أن يجامعها، وهذا هو الطلاق للعدة، أي لاستقبال العدة، فإن ذلك الطهر أو العدة، ومن طلق في الحيض أو النفاس أة في طهر جامع فيه فيكون قد طلقها قبل الوقت الذي أذن الله فيه، ويكون قد طول عليها التربص وطلقها من غير حاجة به إلى طلاقها.
إذا تقرر هذا فالطلاق البدعي لا يقع لأنه منهي، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا، فهو رد"؛ متفق عليه من حديث عائشة، والطلاق البدعي ليس من أمر النبي صلى الله عليه وسلم فيكون فاسدًا؛ ولأنه لو أوقعنا الطلاق المنهي عنه لحصل الفساد الذي حرمه الله ورسوله من أجله.
قال ابن قدامة "المغني"(7/ 364) -في معرض كلامه عن أقسام الطلاق-: "... وأما المحظور، فالطلاق في "فأما الطلاق المحظور، فالطلاق في الحيض، أو في طهر جامعها فيه، قال: وقد أجمع العلماء في جميع الأمصار وكل الأعصار على تحريمه، ويسمى طلاق البدعة؛ لأن المطلِّق خالف السنة وترك أمر الله تعالى حيث يقول: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق:11]". اهـ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (33/ 24-25): "إذ الأصل الذي عليه السلف والفقهاء: أن العبادات والعقود المحرمة إذا فعلت على الوجه المحرم لم تكن لازمة صحيحة، وهذا وإن كان نازع فيه طائفة من أهل الكلام فالصواب مع السلف وأئمة الفقهاء؛ لأن الصحابة والتابعين لهم بإحسان كانوا يستدلون على فساد العبادات والعقوبة بتحريم الشارع لها وهذا متواتر عنهم، وأيضًا فإن لم يكن ذلك دليلاً على فسادها لم يكن عن الشارع ما يبين الصحيح من الفاسد؛ فإن الذين قالوا: النهي لا يقتضي الفساد. قالوا: نعلم صحة العبادات والعقود وفسادها بجعل الشارع هذا شرطًا أو مانعًا ونحو ذلك، وقوله: هذا صحيح، وليس بصحيح من خطاب الوضع والإخبار، ومعلوم أنه ليس في كلام الله ورسوله". اهـ.
وقال (33/ 7): "وإن طلقها في الحيض أو طلقها بعد أن وطئها وقبل أن يتبين حملها: فهذا الطلاق محرم ويسمى: طلاق البدعة، وهو حرام بالكتاب والسنة والإجماع".
وعليه، فالطلاق في النفاس لا يقع،، والله أعلم.
- المصدر: